بدون السلام والاستقرار وحقوق الإنسان والحكم الفعال، القائم على سيادة القانون - لا يمكننا أن نأمل في تحقيق التنمية المستدامة. ولكننا نعيش اليوم في عالم يتسم بالانقسامات على نحو متزايد. وبينما تتمتع بعض مناطق العالم بمستويات مستدامة من السلم والأمن والازدهار، تعاني مناطق أخرى دورات لا تنتهي من الصراع والعنف. ولكن الصراعات ليست قدرا حتميا لا مفر منه، بل هي حالة طارئة لا بد من معالجتها.
فالمستويات المرتفعة من العنف المسلح وانعدام الأمن لها آثار مدمرة على تنمية البلدان، مما يؤثر على النمو الاقتصادي وغالبا ما يؤدي إلى مظالم طويلة الأمد يمكن أن تستمر لأجيال. كما أن العنف الجنسي والجريمة والاستغلال والتعذيب يتزايد وينتشر أيضا في حالات النزاع أو في غياب سيادة القانون، ويجب على البلدان اتخاذ التدابير اللازمة لحماية فئات الشعب الأكثر تعرضا للخطر.
وعلى الرغم من أن إجمالي عدد سكانها لا يتجاوز 5 بالمائة من سكان العالم، كانت المنطقة العربية في العام 2014 موطنا لنحو 47 في المائة من مجموع النازحين داخليا، ونحو 57.5 في المائة من اللاجئين في العالم كله. وكان معظم هؤلاء قد نزحوا قسرا بسبب النزاع والعنف، حيث شهدت المنطقة العربية ما يقرب من 18 في المائة من صراعات العالم بين عامي 1948 و2014، و45 في المائة من الهجمات الإرهابية في عام 2014، و68 في المائة من الوفيات المرتبطة بالمعارك على المستوى العالمي في نفس السنة.
وعلى سبيل المثال في ليبيا وسوريا اللتان تشهدان نزاعا ممتدا في السنوات الأخيرة، تضاءلت قيمة مؤشر التنمية البشرية إلى مستويات سجلت آخر مرة قبل 15 عاما. وتشير تقديرات أخرى إلى أن سوريا ربما تكون قد فقدت أكثر من 35 عاما من المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في مجال التنمية البشرية.
وتسعى أهداف التنمية المستدامة إلى الحد بشكل كبير من جميع أشكال العنف، والعمل مع الحكومات والمجتمعات المحلية لإيجاد حلول دائمة للصراع وانعدام الأمن. ويعد تعزيز سيادة القانون وتعزيز حقوق الإنسان أمر أساسي في هذه العملية، يشمل كذلك جهود خفض تدفق الأسلحة غير المشروعة وتعزيز مشاركة البلدان النامية في مؤسسات الحكم العالمية.