معالي الدكتور نجم بن عبد الله الزيد
رئيس الدورة 40 لمجلس وزراء العدل العرب،
أصحاب السمو والمعالي
السيدات والسادة
يسعدني ويشرفني أن أرحب بكم في رحاب جامعة الدول العربية، وإنه لمن دواعي سروري أن أشارك هذا الجمع الكريم لرموز العدل ورجال القانون في افتتاح أعمال الدورة الأربعين.
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالتهنئة إلى معالي السيد د. نجم بن عبد الله الزيد بمناسبة ترأُسه أعمال الدورة الأربعين لمجلسكم الموقر، والذي سيقدم بخبرته إضافة ثرية لأعماله، كذلك أخص بالشكر والتقدير معالي السيد د. خالد شواني، وزيـر العـدل بجمهورية العراق على الجهود القيمة التي بذلها طيلة فترة رئاسته للمجلس في دورته السابقة، كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى أصحاب المعالي رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي للمجلس على الجهود المتميزة التي بذلوها في سبيل التحضير لأعمال هذه الدورة ومتابعة تنفيذ أنشطة المجلس وبرامجه.
أصحاب السمو والمعالي
السيدات والسادة
تكتسي هذه الدورة لمجلسكم الموقر أهمية كبيرة سواء من حيث الزمان الذي تنعقد فيه أو من حيث الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وما يحفل به من موضوعات هامة تعكس نشاط المجلس وعمله الدؤوب في مجال تنمية وتوثيق وتنسيق التعاون بين الدول العربية في كافة المجالات القانونية والقضائية.
ولا يغيب عنكم أن التحديات التي تواجه منطقتنا العربية خطيرة والمسؤوليات جسيمة، وما أحوجنا اليوم إلى تطوير منظومة العمل العدلي المشترك وتعزيز وتفعيل آلياته حتى يتسنى لهذا المجلس الموقر تحمل مسؤولياته في مواجهة هذه الأخطار وتبعاتها.
نجتمع اليوم في ظرفٍ عصيب.. حيث لايزال يتعرض أهلنا في غزة لإبادة جماعية بشكل همجي لا غاية منها سوى العقاب الجماعي، لأكثر من مليوني إنسان.. نصفهم تقريباً من الأطفال.. تعرضوا لسياسة انتقامية جنونية.. جرت بشكل وحشي وهمجي تحت سمع وبصر العالم. وامتد هذا العدوان الاجرامي ليطال لبنان، مستهدفاً الإنسان والحجر والشجر، غير آبهٍ بالقوانين والأعراف الدولية.. لكن اليوم، بفضل جهود الحكومة اللبنانية ومساعي الأشقاء العرب والأصدقاء الدوليين، تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار لمدة 60 يوم، حيث نأمل بأن تُحترم بنوده كاملةً، وأن يتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة أيضاً في أقرب وقت.
لقد قلتها منذ عام أمام مجلسكم الموقر: إن هذه المذبحة، التي تُدمي قلوبنا بصورها يومياً، لن تبقى عاراً يُلاحق إسرائيل فحسب، وإنما سُبة على جبين المجتمع الدولي والضمير العالمي الذي يصمت في وقت يصير فيه الصمت جريمة.
وفي إطار الجهود العربية السياسية والدبلوماسية الداعمة للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، قدّمت الأمانة العامة وعدد كبير من الدول العربية مُرافعتها المكتوبة والشفهية أمام محكمة العدل الدولية، وتستمر في دعم كافة التحرّكات الدبلوماسية والقانونية الفلسطينية أمام المحافل والمحاكم الدولية. ولا يسعني هنا إلا أن أنوه بالرأي الاستشاري التاريخي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بتاريخ 19 يوليو 2024 بشأن عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وضرورة إنهائه، بالإضافة إلى قيام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وتقع المسؤولية اليوم على المجتمع الدولي لاحترام وحماية أوامر المحكمة الدولية والمساهمة في تقديم المساعدة نصرةً لقيم العدالة والإنصاف للشعب الفلسطيني.
أصحاب السمو والمعالي
السيدات والسادة
لقد اطلعت بحرص على الموضوعات المعروضة على جدول أعمالكم، ومن بينها موضوعات مكافحة الإرهاب وتمويله وغسل الأموال، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العربي والدولي لمكافحة آفة الإرهاب الخطيرة، والتي لا تميز بين دولة أو منطقة أو جنس أو دين، ولا يمكن مواجهتها إلا من خلال جهد عالمي واستراتيجيات شاملة تتضمن تدابير فعالة. وفي هذا الصدد، أُعيد تأكيد رفض الجامعة العربية وإدانتها القاطعة لكافة أشكال الإرهاب وصوره مهما كانت أسبابه ومبرراته. وفي ذات السياق، أود أن أشير أيضاً الى بند على قدر كبير من الأهمية وهو بند تعزيز التعاون بين أمانتي مجلسي وزراء العدل والداخلية العرب، والذي يعكس أهمية التعاون الوثيق والتنسيق المُحكم والتكاملي بين مجلسكم الموقر ومجلس وزراء الداخلية العرب، الذي يشكل العامل الحاسم في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة ومكافحة الفساد، وهو نموذج يحتذى به في التعاون المشترك للمجالس الوزارية العربية.
وكذلك يجب الإشارة إلى موضوع على قدر كبير من الأهمية ويُعتبر من الموضوعات التي تأتي على رأس أنشطة هذا المجلس الموقر وهو موضوع توحيد التشريعات العربية من خلال القوانين العربية الاسترشادية التي يعدها المجلس، إذ لا شك أن المجلس أقر العديد من تلك القوانين التي استرشدت بها الدول العربية الأعضاء في إعداد تشريعاتها ذات الصلة وكانت مرجعاً قيماً أعان الكثير من الدول العربية.
في نهاية كلمتي، لا يسعني إلا أن أعبر عن التقدير والشكر لمجلسكم الموقر لما يبذله من جهد وعطاء في الاضطلاع بمهامه لرفعة العمل العربي المشترك في مجال العدل والقانون ومواجهة التحديات والمسؤوليات الجسيمة، والارتقاء بنظمها القانونية وتشريعاتها إلى الآفاق التي تفتخر بها مجتمعاتنا،،
شكراً لكم،