يعد الصراع العربي الاسرائيلي من أعقد وأطول الصراعات التاريخية الممتدة التي عرفها العالم المعاصر، والذي تمتد جذوره إلى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، وحتى قيام الكيان الاسرائيلي في فلسطين عام 1948. ويختلف هذا الصراع عن غيره من الصراعات اذ أنه يشمل مختلف الجوانب الاستراتيجية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية اضافة إلى أهدافه الديموغرافية، فضلاً عن الادعاءات العقائدية والمزاعم التاريخية المزيفة والسياسة الاستيطانية الاستعمارية التي تهدف لتهجير شعب بأكمله والغاء حقه في أرضه ومقدساته.
الحدود:
تقع فلسطين في القسم الجنوبي الغربي لبلاد الشام وهي الأرض الواقعة جنوب غرب قارة آسيا على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وقد سكن الانسان أرض فلسطين التي عرفت قديماً باسم "أرض كنعان" منذ عصور موغلة في القدم كما تدل الحفريات والآثار، وشهدت أرضها مراحل التطور الانساني الأولى، كما أن أول مدينة تم تشييدها في العالم كانت في فلسطين وهي مدينة أريحا وذلك سنة 8000 ق.م .
ولفلسطين موقع استراتيجي مهم، اذ تشكل جسرا برياً يربط آسيا بأفريقيا والبحر المتوسط بالبحر الأحمر ومن ثم المحيطين الأطلسي والهندي، تم تحديد الحدود الجغرافية لفلسطين في زمن الاحتلال البريطاني لاسيما خلال الفترة مابين 1920- 1923، لتصبح بذلك الأرض التي تطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط لمسافة تصل إلى 224 كم وعلى خليج العقبة لمسافة تصل إلى 10.5 كم، يحدها من الشمال لبنان وسوريا ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب مصر وخليج العقبة ومن الشرق تحدها الأردن. وتشكل المساحة الاجمالية لفلسطين 27.009 كم2، حيث أقيمت "اسرائيل" اثر نكبة 1948 على مساحة 20.800 كم 2 منها. أما مساحة دولة فلسطين المقترحة على الأراضي الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل في عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة) فتبلغ 6209 كم2 وتمثل 22.95% من مساحة فلسطين التاريخية.
خضعت فلسطين التاريخية للنفوذ البريطاني بعد مصادقة عصبة الأمم في عام 1922 على انتداب بريطانيا على فلسطين بشكل رسمي، وبدأت الهجرات اليهودية المنظمة تتوافد على فلسطين وتستوطن فيها، وفي عام 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية القرار رقم 181 الذي بموجبه أوصت بتقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة عربية وأخرى يهودية، حيث خصصت خطة التقسيم 55% من مساحة فلسطين لإقامة الدولة اليهودية، إذ عارض العرب والفلسطينيون قرار التقسيم، ولكن "إسرائيل" نجحت في تتويج مشروعها الصهيوني في الأرض الفلسطينية بتأييد 33 دولة لقرار التقسيم، وانتهى عام الانتداب بتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية، فبعد التصويت على قرار التقسيم بوقت قصير شنت العصابات الصهيونية ومنها "الهاغاناه" حملات عسكرية لمصادرة المزيد من أراضي فلسطين التاريخية، واستولت على مساحات فاقت المساحات التي أوصت بها خطة التقسيم التي اقترحتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبعد عدة أشهر من التوسع العسكري الصهيوني وارتكاب المجازر وحرق وتدمير القرى الفلسطينية وطرد أهلها وسرقة ممتلكاتهم، أعلن قادة العصابات الصهيونية في 14 آيار/ مايو 1948 قيام اسرائيل على 78% من مساحة الأراضي الفلسطينية.
أولاً: القدس:
إن مدينة القدس هي مركز الأديان السماوية الثلاثة، إلا أن إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" اتبعت ومنذ العام 1967 سياسات ممنهجة تهدف إلى فرض هيمنتها على المدينة المقدسة، غير مكترثة بحقوق السكان الأصليين المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين. وفرضت سلطات الاحتلال الاسرائيلي سيطرتها بشكل أحادي على الجانب الشرقي من مدينة القدس، عاصمة دولة فلسطين.
تاريخ القدس الحديث :
عندما أوصت الجمعية العمومية عام 1947 بتقسيم فلسطين، كانت القدس وضواحيها (بما فيها مدينة بيت لحم إلى الجنوب) ستخضع لإدارة دولية بوصفها كيان مستقل، غير أنه خلال حرب عام 1948، تجاهلت إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" خطة التقسيم واجتاحت واحتلت 84% من القدس. معظم مساحة القدس التي احتلتها إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" في عام 1948 سميّت "القدس الغربية"، والمساحة المتبقية أصبحت تُعرف باسم "القدس الشرقية".
حدود خطة الأمم المتحدة للتقسيم عام 1947 التي خصّصت حوالي 55% من فلسطين لإسرائيل ما زالت هي الحدود الدولية الوحيدة المعترف بها لإسرائيل.
احتلت اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" الاجزاء المتبقية من مدينة القدس في حزيران/يونيو عام 1967، والتي أصبحت تعرف بالقدس الشرقية. كما عكفت كقوة احتلال بعد أسابيع فقط على توسيع الحدود البلدية للمدينة، فازدادت مساحة القدس الشرقية بأكثر من عشر أضعاف عما كانت علية قبل الاحتلال. كما هدمت حي المغاربة التاريخي في البلدة القديمة وطردت السكان الأصليين لتهويد البلدة القديمة وتزييف تاريخها. ورسمت اسرائيل"القوة القائمة بالاحتلال" الحدود الجديدة لتضم أراضي ومناطق غير مطورة أو مأهولة بالسكان بشكل غير قانوني بهدف بناء المستوطنات. وفي عام 1970 صادرت إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" مساحات واسعة من أراضي القدس الشرقية لبناء المستوطنات.
بعد توسيع حدود مدينة القدس، شرعت اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" بتنفيذ قوانينها وفرض ولايتها القضائية وادارتها وهيمنتها على المناطق التي صادرتها وضمتها داخل حدود البلدية للقدس. وردا على هذه الاجراءات دعا قرار مجلس الامن رقم 242 لعام 1967 الى "انسحاب القوات العسكرية الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير".
ورداً على توسيع إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" لحدود القدس، صدر القرار الأممي رقم 252 لعام 1968 الذي ينص على أن مجلس الأمن "يعتبر أن كل … الأعمال التي تقوم بها إسرائيل … والتي تميل إلى تغيير الوضع القانوني للقدس باطلة ولا يمكن أن تُغيّر ذلك الوضع". وبالطبع ان ضم القدس الشرقية لإسرائيل هو انتهاك فاضح للقانون الدولي كونه استيلاء على أراضٍ بالقوة.
في عام 1980 اصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي ما يسمى بـ "القانون الأساسي" الذي وسّعت بموجبه الصلاحية الإسرائيلية لتشمل القدس الشرقية المحتلة. ورداً على ذلك، اصدر مجلس الأمن القرار رقم 476 لعام 1980 والذي نص على أن المجلس "يعيد التأكيد على أن كل … الأعمال التي تقوم بها إسرائيل، القوة المحتلة، التي يُقال بأنها تُغيّر صفة ووضع … القدس ليست لها شرعية قانونية وتُشكّل انتهاكاً صارخاً لمعاهدة جنيف ذات الصلة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وتمثّل أيضاً إعاقة خطيرة أمام تحقيق سلام شامل، عادل ودائم في الشرق الأوسط". وكذلك قرار مجلس الامن رقم 478 عام 1980 الذي نص على عدم الاعتراف ب "القانون الأساسي" بشأن القدس ودعا الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية منها.
وتعترف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالشطر الشرقي من القدس كأرض محتلة تخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة، وترفض بذلك الاعتراف "بالسيادة الإسرائيلية" عليها.
تغيير الوضع الديمغرافي للمدينة
منذ احتلال اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" للقدس اتّبعت سلطاتها خطة ممنهجة هدفها تغيير التركيبة السكانية في المدينة وزيادة عدد اليهود الإسرائيليين في القدس الشرقية بينما يتم تخفيض عدد المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين عن طريق:
- الاستيطان في القدس: منذ احتلال اسرائيل"القوة القائمة بالاحتلال" لمدينة القدس عام 1967، باشرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على الفور ببناء المستوطنات داخل حدود المدينة وعلى تخومها بشكل غير قانوني، حيث تشكل هذه المستوطنات في الوقت الحالي طوقا يحيط بالجزء المحتل من المدينة ويعزلها عن بقية الضفة الغربية بشكل كامل. كما تواصل اسرائيل"القوة القائمة بالاحتلال" تجريف آلاف الدونمات لصالح انشاء مشروع ما يسمى بـ (القدس الكبرى) بما فيها المشروع الاستيطاني المسمى (E1) والهادف الى منع التواصل الجغرافي الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة بهدف احكام السيطرة عليها. هذا، ويعيش اليوم ما يزيد عن 220,000 مستوطنٍ في القدس الشرقية.
وتجدر الاشارة إلى أن اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" تعمل على تهجير العرب قسراً من مدينة القدس المحتلة ضمن مشروعها التهويدي المعروف بـ القدس (2050)،
(2) ممارسات عنصرية ضد المسيحيين والمسلمين المقيمين في القدس الشــــرقية: تبنّت الحكومة الإسرائيلية وبلدية القدس منذ احتلال عام 1967، سياسة تمييز "منفصل وغير متساوي". ويشمل هذا التمييز:
أ- حقوق الإقامة: أكدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عبر سياساتها ومخططاتها الممنهجة، أن هدفها في القدس المحتلة يتمثل في الحفاظ على أغلبية ديموغرافية يهودية، حيث حرمت الآلاف من المواطنين الفلسطينيين من حقهم في الإقامة في المدينة التي وُلدوا فيها عن طريق مصادرة هوياتهم وسحب حقوق الإقامة منهم. وتضفي إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" صفة "مقيمين دائمين" على السكان الفلسطينيين الأصليين في مدينة القدس المحتلة، وهم لا يتمتعون بحقوق متكافئة مع الإسرائيليين في المدينة. على سبيل المثال، تملك إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" السلطة والقوة لتجريد الفلسطينيين من حقهم في الإقامة في القدس وفق تقديراتها فقط، ولذلك على المواطنين الفلسطينيين القاطنين في القدس الشرقية الحفاظ على ما يسمّى "مركز الحياة" في القدس الشرقية وإلا أصبحوا عرضة لخطر فقدان حق الإقامة. ونتيجة لذلك، يُخاطر سكّان القدس الفلسطينيين بخسارة حقوق الإقامة في مدينتهم إذا درسوا أو عملوا خارجها. كما ترفض سلطات الاحتلال عادة منح الأزواج الفلسطينيين من غير المقيمين في القدس حق الإقامة وبذلك تمنعهم من السكن في المدينة وتحرمهم من لم شمل العائلة. وقد صادرت سلطات الاحتلال نحو 14،600 بطاقة هوية من المقدسيين الذي يتمتعون بحق الإقامة الدائمة في القدس بين الأعوام 1967 و2015، مما ألحق ضررًا مباشرًا بأكثر من 20 بالمائة من العائلات الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة، بينما يعيش اليهود الإسرائيليون بصورة غير قانونية في القدس الشرقية المحتلة ويتمتّعون بحقوق كاملة ولا يمكن أن يُنزع منهم حق الإقامة في القدس.
وتتعارض سياسة سحب بطاقات الهوية المقدسية من فلسطيني القدس المحتلة مع واجبات إسرائيل، بصفتها دولة احتلال وفق اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر الترحيل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين. كما ويحرّم عليها نفي أي شخص من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى.
ب- مصادرة الاراضي والقيود على البناء وهدم المنازل: دأبت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على مصادرة الاراضي للحيلولة دون أي امتداد عمراني فلسطيني، كما اعتمدت على سلسلة من سياسات التخطيط الهيكلي الرامي إلى منع الفلسطينيين في القدس الشرقية من البناء على أرضهم أو توسيع المنشآت القائمة. ونتيجة لذلك، تسمح سلطات الاحتلال للفلسطينيين في البناء والعيش على 13% فقط من مساحة القدس الشرقية المحتلة. هذا عدا عن أن تراخيص البناء في القدس مكلفة جدًا، ويكاد يكون من المستحيل الحصول عليها نظرًا للقيود الإسرائيلية المفروضة والإجراءات العنصرية والسياسيات التمييزية التي تتبعها حكومة الاحتلال في هذا الخصوص مما يعطيها الحجة لهدم منازل الفلسطينيين الذين يضطرون إلى البناء لمواجهة النمو الطبيعي لعائلاتهم من دون الحصول على تراخيص بناء. وتجدر الاشارة الى ان إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" صادرت منذ عام 1967 حوالي 34% من أراضي القدس الشرقية "للاستخدام العام" وتم تخصيص نسبة 53% أخرى من أراضي القدس الشرقية للمستوطنات أو حُدّدت "كمناطق خضراء".
لقد ترتب أيضًا على السياسات العنصرية الإسرائيلية اكتظاظ سكاني كبير في القدس الشرقية، ومن المتوقع أن يزداد مع الازدياد الطبيعي للسكان في المدينة. ومنذ عام 1967 حتى الآن ارتفع عدد السكان الفلسطينيين داخل ما يسمى الحدود البلدية لمدينة القدس كما حددتها إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" من 68،000 إلى 320،000 نسمة – وهي زيادة قدرها 228 بالمائة. وبحلول عام 2020، من المتوقع أن يصل عدد السكان الفلسطينيين الذي يحملون بطاقات هوية مقدسية ويملكون حق الإقامة في المدينة إلى 400,000 نسمة (وذلك استنادًا إلى متوسط معدل نمو سكاني مقداره 3.4 بالمائة).
وتشير التقديرات أيضًا أنه منذ عام 1967 هدمت إسرائيل، "القوة القائمة بالاحتلال" الاف المنازل والمنشآت في القدس الشرقية بما في ذلك بعض المواقع التاريخية والدينية مثل حارة المغاربة في البلدة القديمة.
الهدف من ذلك تفريغ الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة والقضاء على الهوية الفلسطينية، كما تسببت أعمال الهدم التي تنفذها قوات الاحتلال في تشريد الآلاف من المواطنين المقدسيين وتركهم بلا مأوى، كما أن إخلائهم القسري من مدينتهم بحد ذاته مخالفة للقانون الدولي وانتهاك لقواعده.
ثالثا: الضرائب: الفلسطينيون في مدينة القدس يحصلون فقط على 5 - 10% من نفقات الخدمات الاجتماعية في القدس بالمقابل مطالبون بدفع ضرائب باهظة لسلطات الاحتلال الاسرائيلي.
(3) إغلاق القدس أمام السكّان الفلسطينيين من بقية الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين:
منذ عام 1994، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من الدخول إلى أي منطقة في القدس. ويجب أن يحصل من يرغب بدخول القدس من الفلسطينيين على تصاريح مؤقتة نادراً ما تمنحها السلطات الإسرائيلية، حيث نتج عن سياسة الإغلاق هذه، حرمان أكثر من ثلاثة ملايين مسلم ومسيحي فلسطيني من حرية الوصول إلى أماكنهم المقدّسة في القدس، حتّى خلال الأعياد الدينية. كما أدّت هذه السياسة إلى عزل القدس، التي تُعتبر مركزاً للاقتصاد والثقافة ، عن بقية الضفة الغربية، ومنع السكّان الفلسطينيين من غير المقدسيين من الدراسة في القدس الشرقية أو الحصول على العلاج الطبي المتخصص المتوفّر فقط في مستشفيات القدس الشرقية.
(4) جدار الفصل العنصري حول القدس الشرقية:
بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في عام 2003 ببناء جدار حول القدس الشرقية المحتلة. ولو كان للجدار علاقة حقيقية بأمن إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" كما تدّعي، لتم بناؤه على خطوط الهدنة لعام 1948 بين "إسرائيل" والقدس الشرقية المحتلة. بدلاً من ذلك، قامت ببناء الجدار داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لكي تفرض بصورة أحادية احتلالها الموسع على القدس وتُدعّم عزل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية. ويضم الجدار واقعياً 320 كيلومتراً مربّعاً داخل وحول القدس الشرقية (أو حوالي 5.6% من مجموع مساحة الضفة الغربية).
يقسم الجدار داخل مدينة القدس المحتلة وحولها الضفة الغربية إلى منطقتين، ويعزل القدس المحتلة عن بقية أرجاء الضفة الغربية. فمن ناحية، يحد الجدار من المساحة المتوفرة التي يحتاجها الفلسطينيون للنمو، ويسهّل من بناء المستوطنات وتوسيعها من ناحية أخرى.
وأحد الآثار المباشرة للجدار عزل حوالي 100,000 فلسطيني من سكان القدس عن مدينتهم، لأن المناطق السكنية التي يقيمون فيها باتت تقع خارج الجدار. كما تسبب الجدار والإغلاق في فرض قيود مجحفة وعسيرة على الأنشطة التجارية في القدس المحتلة – التي تشكل مركز الثقل الاقتصادي في فلسطين – وفي المناطق المحيطة بها وعلى حركة التجار منها وإليها. وأخيرًا، عمل الجدار على تفكيك الترابط الاجتماعي وتقويض نسيج الحياة الاجتماعية للفلسطينيين الذين يقطنون على جانبي الجدار.
(5) الاعتداء على المقدسات وأماكن العبادة:
تستمر اسرائيل"القوة القائمة بالاحتلال" منذ احتلالها للقدس الشرقية بانتهاكاتها واعتداءاتها على الاماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وخاصة محاولاتها المستمرة إلى تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الأقصى المبارك، وتقسيمة زمانيا ومكانيا وتقويض حرية صلاة المسلمين فيه وابعادهم عنه، والقيام بالحفريات اسفل المسجد الاقصى المبارك وفي محيط أسواره. كما تستمر سلطات الاحتلال الاسرائيلي في خططها الممنهجة لتقويض الكنائس في القدس واضعاف الوجود المسيحي في المدينة المقدسة عبر سياسات عديدة ومنها فرض الضرائب على كنائسها وفي مقدمتها كنيسة القيامة.
من أبرز الاعتداءات على المسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف
- السيطرة على حائط البراق وتحويله إلى ما يسمى "بحائط المبكى".
- إغلاق باب المغاربة والسيطرة عليه، وهدم حي المغاربة الملاصق لسور المسجد الأقصى المبارك وذلك بعد نكسة عام 1967.
- احراق المسجد الأقصى بتاريخ 21/8/1969 والذي أتى على منبر صلاح الدين.
- محاولة نسف المسجد الأقصى المبارك عام 1984.
- مجزرة الأقصى والتي حدثت بتاريخ 8/10/1990 التي استشهد فيها على يد جنود الاحتلال الاسرائيلي تسعة عشر فلسطينياً.
- احداث نفق البراق عندما قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بالحفريات من الجهة الجنوبية أسفل المسجد الاقصى المبارك ودمرت القصور الأموية لفتح نفق يقع بمحاذاة الجدار الغربي للمسجد الاقصى المبارك اسفل البنايات المملوكية، كالمدرسة الجوهرية والعثمانية والتنكزية، إذ تسببت هذه الصدامات في استشهاد خمسة وثمانين فلسطينياً. كما تستمر اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" في محاولاتها للاستيلاء على العقارات المحيطة بالحرم القدسي الشريف وتحويلها إلى كنس، ومراكز للشرطة وللمؤسسات الدينية التي تخطط الى هدم المسجد الأقصى المبارك.
ثانياً: الاستيطان في عموم الأراضي الفلسطينية :
لا تزال إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" تستوطن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 حيث تقوم بنقل أعداد من السكان اليهود إلى الضفة الغربية بصورة ممنهجة ومنظمة مما يشكل خرقاً وانتهاكاً للقانون الدولي .
وتهدف المشاريع الاستيطانية التي تنفذها إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" إلى تغيير وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة من الناحيتين الجغرافية والديمغرافية بهدف الحيلولة دون عودة الفلسطينيين إليها وعزل أبناء الشعب الفلسطيني في كانتونات تفتقر إلى القابلية على التواصل وتشهد تقلصاً متواصلاً في مساحتها بالإضافة إلى السيطرة على الموارد الفلسطينية الطبيعية وتقييد قدرة الاقتصاد الفلسطيني على البقاء والنمو مما يعوق إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة .
كما تشكل هذه المستوطنات مصدراً أساسياً لانعدام الاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأحد العوامل التي تشعل الصدامات والاشتباكات بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والمستوطنين المسلحين، بالإضافة إلى الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تلحقها المستوطنات بالبيئة والمجتمع الفلسطيني .
وتتبنى إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" إجراءات تهدف إلى تعزيز مشاريعها الاستيطانية بإعطاء الحوافز وإعانات السكن وتخفيضات على ضريبة الدخل وتقديم منح لدعم مشاريع الأعمال في المستوطنات كما توفر لهم البنية التحتية وتقوم بشق الطرق المخصصة لاستخدام المستوطنين والتي يطلق عليها "الطرق الالتفافية والاستيطانية" في حين تفرض سلطاتها القيود على أبناء الشعب الفلسطيني وأحياناً تحرمهم من استخدام هذه الطرق مما تشكل عقبات مادية تقطع أوصال الضفة الغربية بالإضافة إلى الحواجز العسكرية المنتشرة التي تعوق حركة أبناء الشعب الفلسطيني .
الوضع الراهن وآخر المستجدات
تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي وأذرعها التنفيذية سياستها الاستيطانية الاحلالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير مكترثة بكل المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف الأربع وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تحظر الاستيطان وتمنع المساس بالحقوق والأملاك المدنية والعامة، من خلال بناء المستوطنات وتشريع البؤر الاستيطانية القائمة. ففي اطار دعم حكومة الاحتلال الاسرائيلي لسياسة الاستيطان خصص الكنيست 37% من الموازنة الإسرائيلية والتي تبلغ قرابة 446.8 ؟؟؟؟ لصالح المشاريع الاستيطانية، ما يعني مصادرة المزيد من الدونمات تحت مظلة قوانين عنصرية كقانون شرعنة الاستيطان المعروف بـ (التسوية) الذي صادق عليه الكنيست بتاريخ 7/2/2017، ليضفي شرعية (بأثر رجعي) على 3921 بؤرة استيطانية ويعمل على شرعنة مصادرة (8183) دونماً أي ما يقارب (800) هكتاراً من أراضٍ فلسطينية (ملكية خاصة). فيما أقدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على تجريف الأراضي لصالح البناء الاستيطاني حيث تسارعت وتيرة الاستيطان بشكل غير مسبوق في النصف الأول من العام 2017، وبحسب تقرير "حركة السلام الآن" الاسرائيلية المناهضة للاستيطان فإن أعمال البناء خارج الكتل الاستيطانية وصلت في النصف الأول من العام 2017 إلى 70%، بينما تسارعت وتيرة الاستيطان في الربع الأخير من العام 2017، وبهذا الصدد كشف تقرير بتاريخ 4/6/2017 لمنظمة "مركز ماكرو للاقتصاديات السياسية" وهي منظمة اسرائيلية غير حكومية، بأن اسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) أنفقت أكثر من 20 مليار دولار على بناء وتوسيع مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلتين، منذ العام 1967. وأكدت المنظمة بأن وزارة المالية الاسرائيلية نشرت تقريراً يؤكد بأن حكومة الاحتلال أنفقت أكثر من 3.5 مليار دولار بين عامي 2003 و2015 في الضفة الغربية وحدها. بينما قدر مدير المنظمة "روبي ناتلسون" بأن "إسرائيل" استثمرت 20 مليار دولار على الاستيطان خلال الخمسين عامًا الماضية، وأن الـ (3.5) مليار دولار لا يشمل التكلفة الهائلة للبنى التحتية مثل: الطرق الالتفافية المخصصة للمستوطنين، أو التدابير الأمنية المحيطة بالمستوطنات.
وعلى صعيد المخططات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية بتاريخ 7/6/2017، بأن "مجلس المستوطنات" في الضفة الغربية المحتلة أعد مخططا استيطانيا لإقامة 67 ألف وحدة استيطانية جديدة بالاتفاق مع وزير الاسكان الاسرائيلي "يوآف غالنت"، وذلك بهدف تقليل الكثافة في التجمعات الاستيطانية في الداخل المحتل على حساب إعادة توزيعهم على المستوطنات بالضفة، حيث سينقل ما يزيد عن 340 ألف مستوطن للضفة الغربية المحتلة عقب الانتهاء من بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة. كما تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي مشروعها التهويدي في مدينة القدس المحتلة، حيث صادقت وزارة الإسكان الاسرائيلية في القدس على مخطط استيطاني احلالي جديد يقدر بـ (5 مليار دولار) ويقضي ببناء أكثر من 28 ألف وحدة استيطانية في المدينة المحتلة، منها 15 ألف وحدة استيطانية سيتم بناؤها في محيط أراضي الضفة الغربية و 10 آلاف وحدة استيطانية داخل القدس وحدها.
وبحسب الهيئات الرسمية الفلسطينية فإن العام 2017 سجل إقرار أكبر عددٍ من الوحدات الاستيطانية، إذ تمَّ تقديم أكثر من 16,000 مخطَّطاً لمشاريع استيطانية خلال هذا العام، أي بنسبة 400% مقارنة بالأعوام السابقة. فيما سجلا شهري يناير – فبراير من العام 2018، هجمة استيطانية شرسة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، اذ صادقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتاريخ 22/2/2018، على اقامة 3000 وحدة استيطانية بالقدس المحتلة خارج الخط الأخضر، كما أنها ماضية في تنفيذ مشروع ما يسمى بـ (القدس الكبرى) الذي يهدف لبناء 300 ألف وحدة استيطانية أغلبها ستبنى في مناطق خارج الخط الأخضر شرق القدس المحتلة، اضافة إلى تنفيذ سياسة الضم الزاحف في الأرض الفلسطينية وفرض السيادة الاسرائيلية على مناطق الضفة الغربية المحتلة.
ثالثاً: جدار الفصل العنصري
بدأت إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" في بناء جدار الفصل العنصري عام 2002 في الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي يعزل 64 تجمعاً فلسطينياً ويقطع أوصال الأراضي الفلسطينية، وعلى الرغم من أن إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" تدعي أن إقامة هذا الجدار جاء لأغراض أمنية إلا أن الواقع جاء ليؤكد أنه جزء لا يتجزأ من البنية التحتية المخصصة للمستوطنات وأنه ساهم في الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية بما يضمن لإسرائيل توسيع مستوطناتها .
الوضع الراهن وآخر المستجدات
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي بناء جدار الفصل العنصري الذي يحاصر ويقطع أوصال أراضي الضفة الغربية المحتلة ويقسمها إلى كانتونات، حيث يبلغ طوله عند الانتهاء من بنائه حوالي (810) كم (أكثر من ضعفي طول الخط الأخضر) نفذ منه (464) كم، وقيد الإنشاء حالياً (63) كم، وسيستولي على أكثر من 22% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية المحتلة في تجاهل تام لقرارات الشرعية الدولية وفتوى محكمة العدل الدولية الصادرة في 9/7/2004 التي اعتبرت الجدار غير شرعي، وقرار الجمعية العامة بشأن الجدار الصادر بتاريخ 20/7/2004، الا أن اسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) مستمرة في مصادرة وسلب الأراضي الفلسطينية المحتلة لصالح بناء جدار الفصل العنصري، وبلغت مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار والخط الأخضر (حدود 1967) حوالي 680 كم2 أي ما نسبته حوالي 12% من مساحة الضفة الغربية المحتلة منها حوالي 454 كم2 أراضٍ زراعية ومراعي ومناطق مفتوحة، و117 كم2 مستغلة كمستوطنات وقواعد عسكرية و89 كم2 غابات، بالإضافة إلى 20 كم2 أراضٍ فلسطينية مبنية، أما مساحة الأراضي المصادرة في الضفة الغربية المحتلة بلغت 47921 دونماً وهو ما يشكل نسبة 58% من إجمالي مساحة الضفة الغربية.
عزل بناء جدار الفصل العنصري (729) ألف دونماً من أراضي الفلسطينيين، وجدير بالذكر أن 85% من مسار بناء الجدار يمر في داخل الأراضي المحتلة وليس على الخط الأخضر، وعند اكتمال بنائه سيعزل ما يقارب 200 كم من منطقة الأغوار التي تمثل سلة فلسطين للغذاء. فيما بلغ مجموع التجمعات السكنية الفلسطينية المتضررة من جدار الضم والتوسع سواء المعزول منها كليا أو جزئيا (189) تجمعا فلسطينيا منها (40) تجمعاً عزل عزلاً كاملاً عن محيطه وذلك وفقا لبيانات "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبلغ عدد الفلسطينيين المعزولين بسبب الجدار حوالي (514.900) نسمة منهم حوالي (65.665) نسمة عزلاً تاماً.
وسيؤدي بناء الجدار العازل إلى الفصل بين (36) تجمعا سكانياً شرق الجدار يسكنها (72,200) فلسطيني وبين حقولهم وأرضهم الزراعية التي تقع غرب الجدار، ناهيك عن أثره على الاقتصاد الفلسطيني، حيث أن القرى التي تعتمد على الزراعة ويمر الجدار بها أصبحت من دون مصدر اقتصادي، اذ سيؤدي إلى فقدان 50% من الأراضي المروية، وتدمير 12 كم من شبكات الري، بالإضافة إلى تجريف 5.7% من الأراضي الزراعية المروية تمت خسارتها قبل جني المزارعين للمحصول والاستفادة منه. ناهيك عن مصادرة الأراضي الزراعية وتجريفها وتقييد حرية حركة المواطنين التي أدت إلى خسارة (6,500) وظيفة، وكذلك تدمير صناعة زيت الزيتون بعد أن كانت هذه المنطقة تنتج (22,000) طن من زيت الزيتون كل موسم، و50 طن من الفاكهة، و1000,000 طن من الخضروات. فيما يؤثر الجدار على مصادر المياه؛ حيث يسيطر الاحتلال على 50 بئراً من المياه خلف الجدار، كما ستفقد الضفة الغربية (200) مليون متر مكعب من مياه من نهر الأردن عند اكتمال إقامة هذا الجدار في الجهة الشرقية، اضافة إلى أن المنطقة المعزولة خلف جدار الفصل العنصري تقع فوق الحوضين الجوفيين الغربي والشمال شرقي، اللذين تقدر طاقتهما التصريفية بـ (507) مليون متر مكعب سنوياً، أما المنطقة الشرقية المعزولة، فتقع بكاملها فوق الحوض الشرقي، ذي الطاقة التصريفية التي تقدر بنحو 172 مليون متر مكعب سنوياً. ويقدر عدد الآبار الجوفية في هاتين المنطقتين بـ(165) بئرًا، بِطاقة ضخّ تقدر بـ (33) مليون متر مكعب بالسنة، أما بالنسبة لعدد الينابيع فيقدر بـ 53 ينبوعاً بِطاقة تصريفية تقدر بـ (22) مليون متر مكعب سنوياً.
ويبلغ عمق ما تطلق عليه سلطات الاحتلال عازل أمني لحماية الجدار "منطقة التماس" 200 متر وتبلغ مساحته حوالي (156) ألف دونم، محظور على الفلسطينيين دخولها لقربها من جدار الفصل العنصري ومعظم هذه الأراضي هي "ملكية خاصة"، ويقدر عدد الفلسطينيين الذين يضطرون للحصول على تصاريح تسمح لهم بالدخول إلى أراضيهم الواقعة في "منطقة التماس" بحوالي 11.000 فلسطيني، والذين يحصلون على تصاريح مؤقتة، ولمدة محدودة.
رابعاً: اللاجئون والأنروا
وفقا لتعريف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين هم أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين يونيو/ حزيران 1946 وحتى مايو/آيار 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948، اذ قامت العصابات الصهيونية من عام 1947 إلى عام 1949 بطرد وتشريد حوالي 726,000 فلسطيني أي حوالي 75% من الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين جراء هجوم العصابات الصهيونية المسلحة على مدنهم وقراهم، وشهد عام 1948 تصاعداً في هذه الهجمات اذ بلغت ذروتها بارتكاب مجازر وحشية في العديد من مدن وقرى فلسطين وأشهرها مجزرة "دير ياسين"، وتدمير أكثر من 550 قرية وبلدة فلسطينية، قامت بإعادة بناء الكثير منها بنمط مخالف عن السابق في محاولة لمحو أي أثر لفلسطينيتها وتزوير حقيقتها وإسكان المهاجرين اليهود القادمين من الخارج فيها، وسمّيت بأسماء عبرية لطمس معالمها الفلسطينية.
وفي أعقاب النكبة الفلسطينية في 15/5/1948 ومع إعلان قيام (دولة إسرائيل) استمرت معاناة اللاجئين الفلسطينيين نتيجة عدم التزام إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" بتنفيذ ما ورد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948 الذي تضمن في الفقرة (11) منه "وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة"، وجاء في نفس القرار إنشاء "لجنة توفيق" مكونة من ثلاث دول هي تركيا – فرنسا – الولايات المتحدة الأمريكية التي من بين مهامها تنفيذ القرار المشار إليه.
واستمرت مأساة اللاجئين ورفض إسرائيل السماح بعودتهم إلى ديارهم رغم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اشترطت قبول عضوية إسرائيل في قرارها رقم 273 في 11/5/1949 بتنفيذها للقرار رقم 194 لعام 1948، وهو أول قبول مشروط لدولة عضو في تاريخ الأمم المتحدة، وقبلت إسرائيل شروط الأمم المتحدة المتمثلة في موافقتها على تنفيذ القرار 194 ولكن بعد انضمامها في مايو 1949 انقلبت عليه.
وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 302 في 8/12/1949 القاضي بإنشاء وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الاونروا) والذي اعتمد بالكامل على القرار 194 لعام 1948، وجاء تأسيس الوكالة بهدف القيام بعمليات الإغاثة المباشرة وبرامج التشغيل واستمرار مساعدة اللاجئين بغية تلافي أحوال المجاعة والبؤس بينهم، ودعم السلام والاستقرار، وحث القرار جميع الدول الأعضاء وغير الأعضاء على التبرع الطوعي للوكالة، كما منح القرار امتيازات وحصانات وإعفاءات وتسهيلات للوكالة لتمكينها من أداء عملها، وعلى هذا الأساس، جرى استثناء اللاجئين الفلسطينيين من الخضوع لرعاية وحماية المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) عند تأسيسها عام 1950، بسبب الطابع السياسي لهذه القضية التي لا تنسجم مع المهام غير السياسية لهذه المفوضية التي عبر عنها ميثاق عملها.
وفي الخامس من يونيو لعام 1967 شنت إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" حرباً احتلت خلالها الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وأدت إلى تشريد الكثير من الفلسطينيين إلى خارج هذه الأرض الفلسطينية عام 1967.
وإثر حرب يونيو/حزيران 1967 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 242 في 22/11/1967، الذي أكد على أهمية تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. كما اصدر مجلس الأمن القرار 237 لعام 1967 الذي عالج قضية نازحي 1967 حصراً، حيث دعا إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" إلى تأمين سلامة وأمن سكان المناطق التي جرت فيها عمليات عسكرية، وتسهيل عودة اللاجئين النازحين جراء القتال. وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرارين 2535 (1969) و 3236 (1974)، اللذين أكدا على حق اللاجئين الفلسطينيين الثابت في العودة والتعويض. كما أصدرت الجمعية العامة القرار 75/54 في ديسمبر 1999، الذي أكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لديارهم وممتلكاتهم والحصول على دخل ممتلكاتهم التي استغلت أكثر من 50 عاماً، وذلك وفق المعلومات والخرائط الموجودة لديها عن الممتلكات، وكررت الجمعية العامة التأكيد على قراراتها المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين خاصة بعد حرب 1967 مضيفة إليها في عام 1969 حقاً جديداً اعترفت به وهو حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرض وطنه وأكدت عليه في قراراتها اللاحقة.
الوضع الراهن وآخر المستجدات:
بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين وفقا لسجلات "الأونروا" مع نهاية عام 2016 نحو 5.9 مليون لاجئ، وقد شكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية والمسجلون لدى وكالة الغوث الدولية في العام 2016 ما نسبته 17% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة مقابل 24.5% في قطاع غزة. أما على مستوى الدول العربية، فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث الدولية في الأردن 39.1% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين في حين بلغت النسبة في سوريا 10.6% وفي لبنان 8.8% وتواصلت معاناة الوكالة من الأزمة المالية التي تتعرض لها بصفة متكررة في السنوات الأخيرة والتي تهدد استمرار الوكالة في تقديم خدماتها، حيث بلغ العجز المالي مع نهاية عام 2017 في موازنة الوكالة و5 مليون دولار مع بداية العام 2018، إذ أصدرت الإدارة الأمريكية قراراً بتجميد جزء من مساهماتها في موازنة الاونروا، حيث تم تجميد مبلغ 65 مليون دولار وهو الأمر الذي سيهدد استمرار الاونروا في القيام بمهامها في ظل توقع ارتفاع العجز في موازنة الاونروا لعام 2018 إلى 446 مليون دولار مما قد يؤدي إلى توقف الدراسة في مدارس الاونروا بمناطق عملياتها الخمس إذا لم يتم معالجة هذا العجز .
خامساً: الأسرى
- تعيش قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب في عمق ووجدان الشعب الفلسطيني، فمنذ سنوات طويلة وقضية الأسرى تمثل أحد دعائم مقومات القضية الفلسطينية، باعتبارها جزءاً أساسياً من نضال حركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقد كان للأسرى والمعتقلين دوراً بارزاً على مدى جميع الثورات والانتفاضات التي خاضها الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة. ومنذ قيام اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" عام 1948، لا تزال تمارس أبشع صور الانتهاكات، وتقترف أسوء جرائم الابادة وأعنفها، بحق الشعب الفلسطيني، على اختلاف فئاتهم العمرية ولم تول خلال تطبيقها لنظريتها الأمنية أي اهتمام لكرامة الانسان الفلسطيني وحقوقه الأساسية، فأمعنت في انتهاكاتها البشعة لكل هذه الحقوق بشكل منهجي دون رادع، وواصلت أجهزتها الأمنية ملاحقتها للفلسطينيين المدنيين فاعتقلت مئات الآلاف منهم، واحتجزتهم في أماكن عامة، ومعسكرات اعتقال أعدت خصيصاً لممارسة أبشع صور التنكيل، ومع الوقت أصبحت الاعتقالات جزءاً لا يتجزأ من فلسفة إسرائيل وسلوكها اليومي مع المواطنين الفلسطينيين، كما أضحت الاعتقالات ظاهرة يومية، يشارك فيها كل من يعمل في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية.
- لقد انتهكت اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان وكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية بقوة السلاح فأصبحت المقاومة "ارهاباً"، والاعتقالات خطوة استباقية لقمع المقاومة الفلسطينية في خرق واضح لكافة الأعراف والمواثيق الدولية في تعاملها مع الفلسطينيين.
وقدر عدد المعتقلين خلال الفترة ما بين 1948- 1967 بمائة ألف مواطن وفقاً لإحصائيات فلسطينية متعددة، كما اعتقلت اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" منذ عام1967 أكثر من 700,000 فلسطيني بموجب أوامر عسكرية، "أطفالاً ونساءً وشيوخ"، كما اعتقلت ما يزيد عن 13,000 مواطن فلسطيني بين عامي 1993 و2001 (وذلك على مدى السنوات التي شهدت انطلاق عملية السلام في أوسلو). وما يزال يقبع داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي أكثر من (6500) أسيرٍ فلسطيني، من بينهم (1500) أسير مريض يعانون سياسة الاهمال الطبي المتعمد في عيادات السجون الاسرائيلية، فضلاً عن (57) أسيرة و(500) معتقل اداري و(300) طفل فلسطيني يقبعون في زنازين تفتقر لأدنى الاحتياجات الآدمية، فضلاً عن التعذيب النفسي والجسدي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلي وقوات الماتسادا (قوات اسرائيلية تابعة لادارة السجون) بحقهم غير مكترثة بكل المواثيق الدولية (ميثاق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقيات جنيف الأربع) إضافة إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
الوضع الراهن وآخر المستجدات
بتاريخ 17/4/2017، قام أكثر من (1580) أسير فلسطيني بخوض اضراب جماعي مفتوح عن الطعام، وذلك للمطالبة بتحقيق أبسط حقوقهم الانسانية العادلة والتي كفلها لهم القانون الدولي واتفاقيات جنيف لعام 1949، ومن أبرز هذه المطالب إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، والعزل الانفرادي، وسياسة الاهمال الطبي المتعمد وتسهيل زيارة ذويهم دون اذلال، اذ واجهت سلطات الاحتلال إضراب الأسرى بإجراءات قمعية قاسية، تمثلت في اقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلية التابعة لمصلحة السجون الاسرائيلية غرف الأسرى بشكل يومي والاعتداء عليهم بالضرب المبرح وشن حملات تنقلات واسعة في صفوفهم، عدا عن غياب الرعاية الصحية للأسرى الذين تدهورت صحتهم بشكل كبير، وفقدوا كثيراً من أوزانهم خلال فترة الإضراب الطويلة، كما واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي سياسة الاعتقال التعسفي بحق المئات من المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وارتكبت جملة من أنماط الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، من قبيل سياسة العقاب الجماعي، وسوء المعاملة، وازدياد حالات الحبس المنزلي بحق الأطفال، حيث أصدرت المحاكم الاسرائيلية نحو(90) قراراً بالحبس المنزلي خلال شهر سبتمبر 2017، غالبيتها العظمى كانت بحق أطفال مقدسيين، وقد شكلت هذه القرارات زيادة قدرها 15% عن عام 2016، وزيادة تصل الى 50% عن عام 2015، بالإضافة الى اصدار أحكام على عدد من الاطفال المقدسيين بالعمل قسرياً في مؤسسات اسرائيلية لفترات معينة.
أما النسبة الأعلى في الاعتقالات كانت خلال شهر ديسمبر2017، اذ اعتقلت سلطات الاحتلال (926) فلسطينياً، نصفهم من مدينة القدس، وشنّت حملة اعتقالات واسعة في الضّفة الغربية لا سيما بعد اندلاع الاحتجاجات على إعلان الرّئيس الأميركي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وجميعهم تعرّضوا للتعذيب الجسدي والنفسي والمعاملة اللّاإنسانية، فيما تعرّض 60% منهم لاعتداءات جسدية وحشية، فيما اعتقلت سلطات الاحتلال 1319 مواطناً خلال شهري يناير وفبراير 2018.
سادساً: التنمية في الأراضي الفلسطينية:
قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بوضع العديد من الخطط والبرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية لمواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وكانت ترتكز معظم هذه الخطط على الاعتماد على الذات، والتخلص من تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، وتوفير بنية تحتية ملائمة لعملية التنمية، وتعرضت عملية التنمية في فلسطين للعديد من المصاعب والمعوقات التي تحول دون إستمراريتها، وتحد من نتائجها وتؤثر سلباً على مستوى المعيشة لغالبية أبناء الشعب الفلسطيني، نظراً لعدم الإستقرار والتدخلات المباشرة لسلطات الإحتلال الإسرائيلي، واستهداف البنية الفلسطينية الأساسية والمرافق العامة.
ويشكل الاحتلال الإسرائيلي العائق الأبرز لجميع مساعي السلطة الوطنية الفلسطينية لتحقيق التنمية، وبالتالي لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية ومستدامة في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي وتحكمّه في المعابر والحدود، إذ أن التنمية والاحتلال مفهومان يتعارضان مع بعضهما البعض، حيث تسيطر سلطات الاحتلال الاسرائيلي على المعابر وتفرض القيود على تواصل الاقتصاد الفلسطيني مع العالم الخارجي، كما تستمر في السيطرة على الأجواء البرية والبحرية والجوية، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في خنق الاقتصاد الفلسطيني.
الوضع الراهن وآخر المستجدات
تتميز ظاهرة الفقر في فلسطين بخصوصية شديدة تنبع من تعرض القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لسلسلة من التداعيات أدت إلى أحداث مآسي عديدة طوال قرن من الزمن، لا سيما الاقتلاع والتشريد والحروب والاحتلال والحرمان من الحقوق الوطنية، وقد أدى ذلك إلى إفقار دائم لفئات واسعة من الشعب الفلسطيني، حيث ما تزال نسبة الفقر في فلسطين تتزايد خلال السنوات الأخيرة في ظل انخفاض معونات الجهات الدولية المانحة والقيود التي تفرضها إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" على تنمية الاقتصاد الفلسطيني .
وما يزال الشعب الفلسطيني يعيش على الخط الأدنى للأمن الغذائي، حيث يفتقر حوالي 27% من الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة (حوالي1.7 مليون مواطن) للأمن الغذائي.
إن خصوصية الحالة الفلسطينية تستدعي ضرورة تطوير استراتيجية تنموية خاصة بها، يكون أبرز معالمها إزالة التشوهات المتراكمة خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي والعمل على تنمية وتطوير المرافق والقطاعات الاقتصادية المختلفة .
سابعاً: القضية الفلسطينية في جامعة الدول العربية:
تمثل القضية الفلسطينية القضية المركزية للدول العربية وهي في صلب اهتمام العمل العربي المشترك وبند دائم على جدول أعمال مجلس الجامعة على مختلف مستوياته، اذ تؤكد كافة القرارات الصادرة عنه التمسك بثوابت القضية الفلسطينية المتمثلة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، كما أن اهتمام الجامعة العربية بقضية فلسطين يعود إلى ما قبل الإعلان عن قيام "إسرائيل" 1948، حيث أصدرت القرار رقم 16 بشأن مقاطعة البضائع والمنتجات الصهيونية بتاريخ 2/12/1945، ثم عقدت الجامعة قمة أنشاص في جمهورية مصر العربية بتاريخ 29/5/1946، ليصدر عنها مجموعة من القرارات الداعمة لفلسطين منها القرار رقم 3 والذي ينص على أن الصهيونية خطر داهم ليس لفلسطين وحدها، بل للبلاد العربية والشعوب الإسلامية جميعاً ولذلك فقد أصبح الوقوف أمام هذا الخطر الجارف واجباً يترتب على الدول العربية والشعوب الإسلامية جميعها، وكذلك القرار رقم 4 والذي يطالب بإيقاف الهجرة الصهيونية إيقافاً تماما ومنع تسرب الأراضي العربية إلى الأيادي الصهيونية بصور تامة، والعمل على تحقيق استقلال فلسطين وتشكيل حكومة تضمن فيها حقوق جميع سكانها الشرعيين بدون تفريق بين عنصر ومذهب.
بتاريخ 16/9/1947، رفض مجلس الجامعة رفضاً قاطعاً قرار التقسيم الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرر اتخاذ تدابير حاسمة لإحباط مشروع التقسيم، وشملت هذه التدابير تقديم 10 آلاف بندقية وثلاثة آلاف متطوع إلى فلسطين، وفي عام 1948 دخلت الجيوش العربية في مواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي لحماية فلسطين، وإنقاذ عروبتها.
وفي عام 1964، عُقد مؤتمر القمة العربية الأول بالاسكندرية، وأصدر عدة قرارات، حيث كان أبرزها: إقرار خطة العمل العربي الجماعي في تحرير فلسطين عاجلا أو آجلا، والترحيب بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة للشعب الفلسطيني، ودعم قرارها بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني، وفي 13 سبتمبر/أيلول 1965 عقد مؤتمر القمة العربية الثالث بالدار البيضاء في المغرب، وكان من بين أبرز قراراته دعم منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير، ودراسة مطلب إنشاء المجلس الوطني الفلسطيني، وإقرار الخطة العربية الموحدة للدفاع عن قضية فلسطين في الأمم المتحدة والمحافل الدولية. فيما عقد مؤتمر القمة العربية الرابع في 29 أغسطس/ آب 1967، في العاصمة السودانية الخرطوم بعد حرب عام 1967، ودعى إلى إزالة آثار العدوان الإسرائيلي وأصدر قراره المعروف بـ (اللاءات الثلاث)، وهي (لا صلح مع إسرائيل، ولا تفاوض معها، ولا اعتراف بها).
وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، عقد مؤتمر القمة العربية السادس في الجزائر، أُقر خلاله شرطين للسلام مع إسرائيل، تتمثل بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية الثابتة.
وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول 1974 عقد مؤتمر القمة العربية السابع في الرباط، وأقر التحرير الكامل لجميع الأراضي العربية المحتلة في عدوان يونيو/حزيران 1967، وتحرير مدينة القدس، وعدم التنازل عن ذلك، واعتماد منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.
كما أقر المؤتمر الثاني عشر للقمة العربية المنعقدة في مدينة فاس/المغرب في 6 سبتمبر/أيلول 1982، مشروع السلام العربي مع إسرائيل، وأهم ما تضمنه: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، وإزالة المستعمرات الإسرائيلية في هذه الأراضي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتعويض من لا يرغب في العودة.
وفي 9 يونيو/حزيران 1988، عقد مؤتمر القمة العربية الخامس عشر في الجزائر، وقرر دعم الانتفاضة الشعبية الفلسطينية وتعزيز فعاليتها وضمان استمراريتها، وتجديد التزام المؤتمر بتطبيق أحكام مقاطعة إسرائيل، كما شدد مؤتمر القمة المنعقد في 23 مايو/أيار 1989 في الدار البيضاء، على تقديم الدعم والمساعدة المعنوية والمادية للانتفاضة الفلسطينية، وتأييد عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، وتأييد قيام دولة فلسطين المستقلة والعمل على توسيع الاعتراف بها. فيما أدان مؤتمر القمة المنعقد في بغداد في 28 مايو/أيار 1990، تهجير اليهود وعدم شرعية المستوطنات وقرار الكونغرس عام 1995 اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وكذلك المحاولات الأميركية إلغاء قرار اعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية وشدد على تأييد استمرار الانتفاضة الفلسطينية، والتأكيد على دعمها ماديا ومعنويا، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وإثر اندلاع انتفاضة الأقصى، عقد مؤتمر القمة العربية في دورة غير عادية في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2000 في القاهرة، وسمي بمؤتمر قمة الأقصى، وقرر إنشاء صندوق باسم "انتفاضة القدس" برأس مال 200 مليون دولار أميركي لدعم أسر الشهداء وتأهيل الجرحى والمصابين، وإنشاء صندوق باسم "صندوق الأقصى" برأس مال 800 مليون دولار لدعم الاقتصاد الفلسطيني، والسماح باستيراد السلع الفلسطينية بدون قيود كمية أو نوعية.
وفي 28/3/2002، عقد مؤتمر القمة العربية في دورتها العادية الـ (14) في مدينة بيروت، وتبنى المؤتمر مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للسلام في الشرق الأوسط ودعت القمة الدول العربية لدعم ميزانية السلطة الوطنية الفلسطينية بمبلغ إجمالي قدرة 330 مليون دولار أمريكي لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، إضافة إلى دعوة الدول الأعضاء إلى تقديم دعم إضافي قدرة 150 مليون دولار توجه لصندوقي الأقصى وانتفاضة القدس وتخصص لدعم مجالات التنمية في فلسطين.
وبتاريخ 27/3/2013، عقد مؤتمر القمة العربية في دورتها العادية الـ (24) في الدوحة، حيث اتخذت قراراً بتأسيس صندوق عربي خاص بالقدس برأسمال يبلغ مليار دولار.
واحتلت القضية الفلسطينية المشهد الرئيسي في مشاريع قرارات القمة المنعقدة في الكويت في 26 مارس/آذار 2014، حيث رفض القادة العرب كافة اشكال التوطين محملين اسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" مسؤولية تعثر عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لما جاء في المبادرة العربية التي اقرت في قمة بيروت (2002). ودعم القادة العرب حصول فلسطين على عضوية الوكالات الدولية المتخصصة والانضمام إلى المواثيق الدولية والبروتوكولات الدولية، وشدد مؤتمر القمة العربية السابع والعشرون في العاصمة الموريتانية نواكشوط بتاريخ 27 يوليو/ تموز 2016، على التزام الدول العربية بالتصدي للتهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية واعتبار عام 2017 عاما لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين. كما أكد أيضاً مؤتمر القمة العربية الثامن والعشرون الذي عقد في عمان- المملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ 29/3/2017، على مركزية القضية الفلسطينية، وأكد مجدداً على حق دولة فلسطين بالسيادة على كافة الأراضي المحتلة في العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، فيما شدد على التمسك بمبادرة السلام العربية كما طرحت في قمة بيروت 2002.
ثامناً: مبادرة السلام العربية
تؤكد مبادرة السلام العربية التي أطلقها جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية ، وتبنتها القمة العربية (14) المنعقدة ببيروت بتاريخ 27 مارس 2002 وفقا لقرارها 221، على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي، وتمثل الخطة السياسية لجامعة الدول العربية ومرجعيتها الأساسية لتسوية الصراع العربي-الإسرائيلي، وإحلال السلام في منطقة الشرق الاوسط.
نص مبادرة السلام العربية التي أطلقتها قمة بيروت العربية عام 2002:
- تقضي مبادرة السلام العربية بالتزام إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان العربي السوري وحتى الخط الرابع من يونيو 1967، والأراضي التي مازالت محتلة في جنوب لبنان، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 1948، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية، مقابل التزام الدول العربية باعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين اسرائيل "القوة القائمة للاحتلال" مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة، وإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
وقد لاقت هذه المبادرة دعما من منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث قام وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي خلال اجتماعاتهم في الخرطوم (السودان) من 25-27 يونيو 2002 واجتماعهم في طهران (إيران) من 28-30 مايو 2003 بتبني ودعم المبادرة العربية للسلام، كما أيدها مؤتمر القمة الإسلامي المنعقد في بوترا جايا (ماليزيا) خلال الفترة 16-17 أكتوبر عام 2003 .
عضوية لجنة مبادرة السلام العربية:
تنفيذا للفقرة 7 من القرار رقم 221 الصادر عن الدورة العادية (14) لمجلس الجامعة على مستوى القمة بتاريخ 28 مارس 2002، التي تنص على "يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية ومن الأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على كافة المستويات وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي"، وبعد التشاور مع الدول الأعضاء ومعالي السيد الامين العام، قامت رئاسة القمة في حينه (الجمهورية اللبنانية) بتشكيل اللجنة الخاصة بدعم مبادرة السلام العربية، حيث تضم هذه اللجنة حاليا في عضويتها كل من (المملكة الأردنية الهاشمية مملكة البحرين، الجمهورية التونسية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، المملكة العربية السعودية، جمهورية السودان، سورية (مجمدة عضويتها تنفيذا لقرار مجلس الجامعة رقم 7438 بتاريخ 12 نوفمبر 2011)، جمهورية العراق، دولة فلسطين، دولة قطر، الجمهورية اللبنانية، جمهورية مصر العربية، المملكة المغربية، الجمهورية اليمنية، الأمين العام لجامعة الدول العربية).
وقد عقدت لجنة مبادرة السلام العربية عدة اجتماعات، كان آخرها بتاريخ 7/3/2018 بالقاهرة، برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية، للتأكيد على أهمية مبادرة السلام العربية وتمسّك الجانب العربي بها كمرجع أساسي لحل الصراع العربي-الإسرائيلي، وإقرار حل الدولتين، حيث تمثل الفرصة الأفضل لحل الصراع، وإطارا عاما للتسوية السلمية العادلة في منطقة الشرق الأوسط سيقود المنطقة في حال تنفيذها نحو السلام الشامل والدائم والعادل وكذلك إلى الاستقرار، خاصة في ظل توقف عملية السلام وتجميد المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ 2014، وكذا الرفض العربي لإدخال أية تعديلات على بنود مبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002، وكذلك رفض المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى التلاعب بترتيب الأولويات والشروط والالتزامات التي حددتها هذه المبادرة .
تاسعاً: التحرّك العربي على المستوى الدولي لدعم القضية الفلسطينية:
- حقق الدعم العربي للدبلوماسية الفلسطينية نجاحات عديدة على المستوى الدولي بتجسيد حق الشعب الفلسطيني الثابت في أرضه ووطنه ومُقدّساته وحريته واستقلاله وإقامة دولته الفلسطينية المُستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، حيث بلغ عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين حتى الآن 137 دولة كانت آخرها الكرسي الرسولي (الفاتيكان) التي اعترفت بدولة فلسطين بتاريخ 26/6/2015، وهناك العديد من الدول الأخرى التي ستتخذ هذه الخطوة قريباً، كما تكلّلت نجاحات وانتصارات الدبلوماسية الفلسطينية والنشاط العربي ممثلاً في جامعة الدول العربية وجهود معالي الأمين العام والدول العربية الأعضاء من خلال استصدار الجمعية العامة للأمم المُتحدة قرارها التاريخي رقم 19/67 بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2012 بترقية مركز فلسطين إلى دولة غير عضو لها صفة لمُراقب في الأمم المُتحدة بتصويت 138 دولة لصالح القرار الذي تكمن أهميته من خلال تمكين دولة فلسطين من الانضمام إلى الاتفاقيات والمُعاهدات والمواثيق والمُنظمات الدولية بإجمالي 105 منظمة واتفاقية دولية، وهو ما يعكس حجم الدعم الدولي الكبير للقضية الفلسطينية العادلة.
- ونجح أيضاً الدعم العربي للدبلوماسية الفلسطينية في حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المُتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام 2011، والحصول على العضوية الكاملة في منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) عام 2017.
- أصدرت الجمعية العامة للأمم المُتحدة 705 قراراً و86 قراراً من مجلس الأمن دعماً لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والثابتة غير القابلة للتصرّف والتي كان آخرها قرار مجلس الأمن بشأن الاستيطان الاسرائيلي رقم 2334 بتاريخ 23/12/2016 بتصويت 14 دولة لصالح القرار وامتناع الولايات المُتحدة الأمريكية، وقرار الجمعية العامة بتاريخ 21/12/2017 الذي اتخذته وفق قرار "الاتحاد من أجل السلام" بشأن القدس بتصويت 128 دولة لصالح القرار، وتعمل جامعة الدول العربية بالتنسيق مع مجالس السفراء العرب وبعثاتها في الخارج من أجل تفعيل وتنفيذ هذه القرارات.
- كما تسعى جامعة الدول العربية لتكثيف جهودها من أجل إفشال الترشيح الاسرائيلي لعضوية غير دائمة في مجلس الأمن لعاميّ 2019-2020 خلال الانتخابات التي ستُجرى في الجمعية العامة للأمم المُتحدة خلال شهر حزيران/يونيو عام 2018، باعتبارها دولة قائمة بالاحتلال ولا تنطبق عليها مقوّمات الترشّح بموجب ميثاق الأمم المُتحدة، حيث أنها قوة احتلال ذات سجل طويل من الانتهاكات الجسيمة لقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي وحقوق الانسان.
- كما تسعى جامعة الدول العربية جاهدة لإفشال أي محاولات اسرائيلية للالتفاف على مكانة القضية الفلسطينية في القارة الأفريقية والتي بُنيت على القيم المُشتركة المُناهضة للاستعمار والاضطهاد والتمييز العنصري من خلال التصدّي لأي محاولة لعقد قمم ومؤتمرات اسرائيلية افريقية وحث الدول الأفريقية على عدم المُشاركة في أي منها.
عاشراً: فلسطينيو الداخل (عرب 1948)
- فلسطينيّو 1948 أو عرب الداخل الفلسطيني، هم السكان الفلسطينيون الذين ظلوا في قراهم وبلداتهم بعد أن سيطرت إسرائيل على الأقاليم التي يعيشون فيها بعد حرب 1948، ويشار إليهم أيضًا في إسرائيل بمصطلحي "عرب إسرائيل" أو "الوسط العربي"، كما يستخدم أحيانا مصطلح "الأقلية العربية". وحسب قانون المواطنة الإسرائيلي يعتبر مواطن كل من أقام داخل الخط الأخضر في 14 يوليو 1952، أي عندما أقر الكنيست الإسرائيلي هذا القانون، وأغلق الباب أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى الآن، حيث يمنعهم من الدخول إلى دولة إسرائيل كمواطنين أو سكان محليين.
- ووفقاً للإحصائيات الإسرائيلية الرسمية بلغ عدد العرب في إسرائيل في مطلع سنة 2014 حوالي 1.5 مليون نسمة، وهذا العدد لا يشمل حوالي 250 ألف عربي يسكنون في شرقي القدس (الذين تعتبرهم سلطات الاحتلال سكّان إسرائيل وليسوا من مواطنيها). يعيش حوالي %60 من عرب 1948 في الجليل، و%20 في منطقة المثلّث في 20 بلدة عربية، و%10 في النقب الشمالي، و%10 في المدن المختلطة (مثل حيفا والرملة).
- وعلى الرغم من أنهم يمثلون نحو 25% من المواطنين في اسرائيل، واعتبارهم ظاهرياً مواطنين متساوين في الحقوق مع الإسرائيليين، إلا إن عرب 1948 يعانون من اضطهاد عرقي وديني، وتمييز عنصري على كل المستويات، ويواجهون تحديات ثقافية ومجتمعية تستهدف هويتهم باعتبارهم جزءا اساسيا من الشعب الفلسطيني، كذلك يعانون من استهدافهم بقوانين جائرة وعنصرية متلاحقة ومن أهم أمثلة القوانين العنصرية الكثيرة التي أقرها الكنيست الإسرائيلي ضدهم ما يسمى بـ (قانون بشارة) الصادر بتاريخ 22/7/2002 و قوانين 15 مايو/أيار 2002، ومشروع قانون بشأن قمع الذاكرة الفلسطينية الصادر بتاريخ 24/7/2001، وقرار وزير المواصلات الاسرائيلي يسرائيل كاتس الصادر في 13/7/2009 بتهويد أسماء المدن والشوارع العربية، ومشروع قانون "المواطنة والولاء"، وأخيرا وليس آخرا ما يسمى بـ "قانون القومية".
- بعض إشكال العنصرية ضد عرب 1948:
- التوزيع الجغرافي لسكان العرب حيث يتركز العرب داخل الخط الأخضر بشكل كبير في مناطق الشمال والتي تضم منطقة الجليل بأكمله وعكا وسهل بيسان وصفد ومرج بن عامر ومدينة العفولة، وهذا التوزيع يعكس سياسة سكانية إسرائيلية واضحة. ومن بين المؤشرات الأخرى التي يمكن إبرازها التزاحم داخل المسكن الواحد، فقد بلغ هذا التزاحم لدى العرب داخل الخط الأخضر (5.1) أفراد عرب في المسكن الواحد، في عام 2003 مقابل(3.3) أفراد يهود في المسكن الواحد داخل "إسرائيل" الأمر الذي يوضح الضائقة السكانية التي يعانيها العرب كبيرة، ففي حين بلغ مجموع المساكن اليهودية (1606061) مسكنا لليهود فان مجموع المساكن العربية في العام المذكور بلغ (246667) مسكنا.
- مجال التعليم: حيث تبدو الهوة الكبيرة بين العرب واليهود في مجال التربية والتعليم، فقد دلت الإحصاءات أن 12% من البالغين فوق 15 سنة من العمر في عام 2002 لا يحصلون على تعليم مدرسي في إسرائيل وذلك مقارنة بـ 4% من اليهود الاسرائيلين، وان 51% من اليهود حاصلين على التعليم الثانوي مقارنة بنحو 34% عند العرب، ويفوق مقدار اليهود المسجلين في الجامعات الإسرائيلية مقدار الطلاب من الأقلية العربية المسجلين في الجامعات بنحو ثلاثة أضعاف ونصف الضعف، كما أن نسبة العاملين العرب في قطاع التعليم ضئيل جدا بالمقارنة بعددهم في إسرائيل، وترتفع معدلات الأمية بين العرب لتصل إلى (11-12%) بين الكبار مقابل 5% بين اليهود.
- مجال العمل: يعاني عرب 1948 من وضع اقتصادي يختلف اختلافا جذريا عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأغلبية اليهودية، ومما لاشك فيه أن هذا الاختلاف إنما هو نتيجة التميز العنصري الذي مارسته إسرائيل والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضد العرب منذ قيام اسرائيل عام 1948 إلى الوقت الحالي.
الحادي عشر: المقاطعة العربية لإسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)
إن المقاطعة العربية لإسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" أداة مقاومة سلمية تهدف إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للاستجابة لمقررات الشرعية الدولية، وتؤدي دوراً محورياً ضد عنصرية الاحتلال وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني، وتفسح المجال لكلّ الراغبين في التعبير سلمياً عن تضامنهم مع الفلسطينيين من خلال المقاطعة الشعبية للشركات الداعمة للاحتلال الاسرائيلي، والاحتجاج على المعاملة التفضيلية التي تحظى بها إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" من قبل بعض أطراف المجتمع الدولي، رغم انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي.
وفي هذا الإطار أنشأت جامعة الدول العربية المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) بموجب قرار مجلس الجامعة رقم (357) في دورته (14) بتاريخ 14-19/5/1951، والذي يقضي بإنشاء جهاز يتولى تنسيق الخطط والتدابير اللازمة لمقاطعة إسرائيل والعمل على تحقيقها، ويكون مقر المكتب الرئيسي بدمشق ومهمته تأمين الاتصال بالمكاتب المختصة بشؤون المقاطعة في كل دولة لتنسيق تدابيرها وأعمالها، وتكون تلك المكاتب (المكاتب الإقليمية في الدول العربية) على صلة بالمكتب الرئيسي لتزويدها بالمعلومات اللازمة وتقوم بأعمالها وفقاً لتوجيهات المفوض العام وتحت إشرافه.
ويرأس المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل مفوض عام يعينه معالي الأمين العام، ويدعو المفوض العام ضباط اتصال المكاتب الإقليمية لمقاطعة إسرائيل في الدول العربية إلى عقد مؤتمر دوري مرة كل عام برئاسته، وله أن يدعو إلى عقد اجتماعات استثنائية عند الاقتضاء، ويتخذ المؤتمر قراراته وتوصياته بأغلبية أصوات الدول الأعضاء بالجامعة العربية، وتتخذ هذه التوصيات وفق ما تقضي به مبادئ وأحكام المقاطعة العربية المقررة، وتطبيق الحظر وإدراج شركات على لائحة المقاطعة، وإنذار شركات أخرى ورفع شركات من لائحة الحظر لاستجابتها لأحكام المقاطعة العربية، وذلك نظرًا للأهمية الفائقة لدور المقاطعة العربية في دعم صمود الشعب الفلسطيني ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي باستخدام الأدوات القانونية والاقتصادية التي تحدث نتائج إيجابية فعالة.
كما أصدر مجلس الجامعة في دورته (22) بتاريخ 11/12/1954 القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل والذي يحظر على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين التعامل مع إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) وينص على عقوبات بحق المخالفين لهذا القانون، وتم تحديد اختصاصات أجهزة المقاطعة العربية لإسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" بموجب قرار مجلس الجامعة رقم (1800)، الصادر عن الدورة (36) بتاريخ 19/9/1961.
وعقد أول مؤتمر لضباط اتصال المكاتب الإقليمية لمقاطعة اسرائيل بتاريخ 3 نوفمبر 1951 بالإسكندرية. وأصدرت المؤتمرات المتتالية لضباط الاتصال العديد من التوصيات الهامة تم الأخذ بها في الدول العربية في تعاملاتها مع الشركات الاجنبية، ما أعطى أهمية كبيرة للمقاطعة العربية على بضائع الشركات الإسرائيلية والشركات المتورطة مع الاحتلال في انتهاكاته الجسيمة لحقوق الشعب الفلسطيني. وتعرضت المقاطعة العربية لإسرائيل منذ إنشائها إلى كثير من الضغوط عليها لإيقافها أو التخفيف من فعاليتها، وكان من ضمن ذلك صدور التشريعات المضادة للمقاطعة في الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية. كما أن مؤتمرات المقاطعة العربية توقفت لمدة ثماني سنوات بعد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، إلا أنها استأنفت نشاطها وعملها منذ عام 2001، حيث أصدر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقد في عمان - المملكة الأردنية الهاشمية القرار رقم 202 بتاريخ 28/3/2001 الذي نص على ما يلي:
- العمل على تفعيل المقاطعة العربية ضد إسرائيل، ومقاومة التغلغل الإسرائيلي في الوطن العربي، من خلال:
- البدء بإعادة تفعيل نشاط مكاتب الاتصال المختصة، في الدول العربية، للغرض أعلاه.
- انتظام عقد مؤتمرات المقاطعة الدورية، التي يدعو إليها المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل.
- البدء بإعادة تفعيل دور اللجان الاقتصادية المشتركة، الموجودة في الخارج، وتنشيط دورها في كشف عمليات إعادة تصدير البضائع الإسرائيلية إلى الدول العربية، من خلال التأكد من صحة البيانات الواردة في شهادات المنشأ.
2. تكليف الأمين العام بمتابعة تنفيذ هذا القرار، وبتكليف المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل، بالدعوة إلى عقد اجتماع عاجل، لضباط الاتصال، لتفعيل المقاطعة العربية ضد إسرائيل.
وتعمل أجهزة المقاطعة منذ ذلك الحين على تطوير عملها عبر إيجاد الآليات والسبل المناسبة لذلك تماشيًا مع الظروف الصعبة التي تواجهها القضية الفلسطينية، حيث اتخذ مجلس الجامعة على مستوى القمة عدد من القرارات، للتأكيد على ضرورة وضع التوصيات الصادرة عن مؤتمرات ضباط الاتصال موضع التنفيذ من قبل الأجهزة المعنية في الدول العربية.