يوافق الخامس من حزيران / يونيو 1967 الذكرى السادسة والخمسين للعدوان الإسرائيلي الغاشم باحتلال الأراضي الفلسطينية والعربية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، والجولان العربي السوري، وما تلاه من احتلال لأجزاء من جنوب لبنان، في عدوانٍ سافر وإنتهاكٍ صارخ لميثاق الأمم المُتحدة ومبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة، ولا تزال امتدادات وتداعيات تلك الحرب العدوانية الإسرائيلية مُستمرة ومتواصلة حتى اليوم بتكريس إسرائيل احتلالها العسكري الاستيطاني الاستعماري والإحلالي، مُتنكّرةً لمبادئ وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف، وتُمعِن في تصعيد اعتداءاتها ضد الشعب الفلسطيني باستهداف وجوده على أرضه وحقوقه ومُقدّساته ومواصلة عمليات التهجير القسري المنهجي، وابتلاع المزيد من الأراضي وبناء المستوطنات وعزل المُدُن والقُرى وتنفيذ جرائم قتل يومية ومُتعمّدة.
تتزامن ذكرى النكسة هذا العام مع تصعيد إسرائيلي خطير للعدوان وانتهاك كافة الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية، وخاصةً بتكثيف جيش الاحتلال عدوانه وإرهابه في مدينة القدس وحماية وتشجيع الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين الإسرائيليين ودعوتهم لحمل السلاح وقتل الفلسطينيين وعلى تنفيذ اعتداءاتهم واقتحاماتهم لباحات المسجد الأقصى المُبارك، وتدنيس المُقدسات الإسلامية والمسيحية، بينما تواصِل سُلطات الاحتلال مُمارسات القمع والاضطهاد ومصادرة الأرض والحقوق والموارد في الجولان العربي السوري.
وإذ تُحيي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الصمود والنضال في الأراضي الفلسطينية والعربية المُحتلّة منذ عام 1967، فإنها تؤكد تضامنَها ودعمَها للشعب الفلسطيني في مسيرة كفاحه دفاعاً عن أرضه ووطنه ومُقدّساته بدعمٍ من أمّته وأحرار العالم، وتؤكد على استمرار التزام الأمّة دولاً وشعوباً بقضيتها المركزية، القضية الفلسطينية، ودعمها لنضال الشعب الفلسطيني العادل لتحقيق الحرية والاستقلال وتجسيد دولته المُستقلة على أرض ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران يونيو عام 1967 وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومُبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية، وتؤكد أنه ورغم مرور ما يزيد عن خمسة عقود على "النكسة" والسجلّ الطويل لجرائم الاحتلال ومُخططاته لفرض الأمر الواقع بالقوة، إلا أن ذلك لم ولن يُغيّر من حقيقة أن هذه الأراضي الفلسطينية والعربية التي استولت عليها إسرائيل منذ عام 1967 هي أراضي مُحتلّة وفقاً للقانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة، كما لا يُغيّر من حقيقة أن هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني لا تسقط بالتقادم ولن تُضعِف من عزيمته على استمرار الصمود والكفاح العادل والمشروع من أجل استعادة كافة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرّف، وفي هذا السياق تؤكد الأمانة العامة أهمية مواصلة وتكثيف الجهود السياسية والقانونية الفلسطينية والعربية ومن جانب الدول الصديقة وأحرار العالم لحماية الحقوق الفلسطينية وتثبيتها، خاصةً أمام محكمة العدل الدولية التي تنظر في مُجمل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عدوان عام 1967 والآثار المُترتّبة عليه لإبداء رأيها الاستشاري القانوني الذي سيُمثّل رأياً قانونياً مُهمّاً للغاية من أعلى محكمة دولية وسيترتب عليه مسؤولية قانونية على الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المُستمرة لأكثر من سبعة عقود من الزمن.
وتُطالب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مجلس الأمن بتحمّل مسؤولياته وإنفاذ قراراته والقيام بواجباته في حفظ الأمن والسلم الدوليين وإلزام إسرائيل بإنهاء الاحتلال والانسحاب الكامل من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المُحتلة منذ الخامس من حزيران يونيو عام 1967 وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، كما تُطالب المُجتمع الدولي بمُحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن كافة الجرائم التي تنتهكها بحق الشعب الفلسطيني، والعمل على تجسيد الدولة الفلسطينية المُستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة ومُبادرة السلام العربية السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة، كما تدعو الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تتخذ هذه الخطوة بما يُعزز من أُفُق تحقيق السلام وفق رؤية حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي.