بدأت إسرائيل فعليا بتنفيذ مشروع يسمى " تسوية الأراضي" والتي تسعى دولة الاحتلال لتفعيله في مدينة القدس ومناطق "ج"، بهدف ضم وتصفية ما تبقى من الأرض الفلسطينية في مدينة القدس من خلال تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي في المدينة.
وقد بدأت من حي بيت حنينا وشعفاط والشيخ جراح وصور باهر وحزما وأبو ديس، من خلال الطلب من المقدسيين بسرعة تسجيل املاكهم، الامر الذي سيضع المقدسيين امام تحد كبير لتسجيل أراضيهم واملاكهم حيث سيترافق ذلك مع فرض ضرائب ونفقات ورسوم باهظة في ظروف اقتصادية صعبة ربما ستدفع المقدسيين للإحجام عن دفع هذه المبالغ لتسجيل ممتلكاتهم، الامر الذي سيسهل لدولة الاحتلال مصادرتها عبر تفعيل ما يسمى بـ "قانون أملاك الغائبين" لأراضي المواطنين المهجرين قسريا من القدس وتسجيلها باسم دولة الاحتلال، وقد أكدت مصادر فلسطينية أن الاحتلال بموجب ذلك سيسلب نحو 58 ألف وحدة وقطعة أرض، بحيث يُبقي ما نسبته 12% من مساحة القدس للفلسطينيين و88% لليهود.
يشار الى أن " قانون أملاك الغائبين" قانون أقره الكنيست عام 1950، "يشرعن بموجبه الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تعود للفلسطينيين الذين هجروا منها ونزحوا عنها إلى مناطق أخرى". حيث طبق الاحتلال هذا القانون بعد احتلاله القدس الشرقية عام 1967، وبذلك استولى على مئات المنازل والعقارات بذريعة أنها أملاك غائبين آن ذاك.
وفي هذا الصدد، حذرت وزارة شؤون القدس من استخدام سلطات الاحتلال ما يسمى ب "تسوية الحقوق العقارية" كغطاء لمصادرة والاستيلاء على المزيد من الأراضي والعقارات في القدس الشرقية المحتلة. وأشارت وزارة شؤون القدس إلى أن تفعيل الحكومة الإسرائيلية ما يسمى بـ "تسوية الحقوق العقارية" إنما يهدف إلى المزيد من التوغل من خلال ما يسمى بحارس أملاك الغائبين الإسرائيلي لمصادرة المزيد من الممتلكات في المدينة. وأكدت على أن هذا المخطط يأتي في سياق تصعيد الاستيطان والتهجير العرقي وتغيير الطابع العربي-الفلسطيني لمدينة القدس الشرقية. ودعت المواطنين الى أخذ الحيطة والحذر إزاء ما يسمى بـ "تسوية الحقوق العقارية" خاصة في ضوء النوايا الإسرائيلية المبيتة لاستخدامه من أجل مصادرة المزيد من الممتلكات.
هذا، وقد حثت وزارة شؤون القدس المواطنين على الحصول على المشورة القانونية، داعية المؤسسات الحقوقية في المدينة الى مساعدة المواطنين في مواجهة هذا المخطط.
ومن الجدير بالذكر، أنه في عام 2018 أعلنت وزيرة العدل في حكومة الاحتلال الإسرائيلي آن ذاك " ايلي شاكيد" عن قرارها لفتح ملف تسوية وتسجيل الأملاك في مدينة القدس وبموجب ذلك صادقت الحكومة على تخصيص ميزانية قدرها (14.000.000$) لتغطية نفقات تسوية الحقوق العقارية وذلك لتعزيز السيادة الإسرائيلية في المدينة.
إن خطر تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي في مدينة القدس خطوة نحو السيطرة على ومصادرة حوالي 60% من الأملاك في المدينة وجزء لا يتجزأ من سياسة التطهير العرقي والتهجير القسري، خاصة في ظل عدم استطاعة المقدسيين دفع الضرائب الباهظة لتسجيل الأملاك أو حال عدم توافر الوثائق اللازمة لإثبات الملكية، أو في حالة وجودهم خارج فلسطين أو حتى خارج حدود بلدية القدس، مما يعني تطبيق "قانون أملاك الغائبين" ومصادرتها وشرعنة صفقات التزييف، فضلا عن فرض الغطاء القانوني للاستيلاء وتعزيز الاستيطان كخطوة سياسية لتكريس الاحتلال وإثبات السيادة الإسرائيلية على المدينة من خلال إحالة ملكية العقارات والأراضي إلى دولة الاحتلال والجمعيات الاستيطانية.
كما أن تطبيق قانون التسوية وتفعيل قانون أملاك الغائبين سوف يمنح "شرعية قانونية إسرائيلية" لكافة الأراضي والعقارات التي استولت عليها الجمعيات الاستيطانية في السابق تصديا للمطالبة بها مستقبلا.
ان تفعيل هذا القانون سيحول دون الموافقة مستقبلا على إعطاء تراخيص بناء للمقدسيين فضلا عن إعطاء "شرعية قانونية" لهدم مزيد من المنازل والمباني في حال عدم استطاعة مالكيها تقديم الأوراق الثبوتية للملكية.
***