تتعرض مدينة القدس لحملة منظمة وممنهجة تستهدف جميع مكوناتها الحياتية والاقتصادية، حيث تستعرض هذه الورقة أحد أبرز وأخطر مشاريع الاحتلال والممارسات العنصرية للتهجير القسري للفلسطينيين والتمهيد الى ترسيخ سياسة الامر الواقع لتهويد المدينة المقدسة وتفريغها سواء بالقوة أو بالقوانين الجائرة وطرح مشاريع استيطانية داخل الاحياء العربية والسيطرة على المرافق والخدمات العامة وتفكيك الملكيات الفردية وتغيير طابعها الجغرافي والديمغرافي، بالإضافة الى انهاء الحركة الاقتصادية للمقدسيين والمتمثلة بالبلدة القديمة وشارع صلاح الدين والاحياء المجاورة، هذه المناطق والشوارع في المدينة التي تعد قلب المدينة ومركزها الرئيسي وعصب الحركة الاقتصادية فيها ، ومن ثم تحويل الحركة الاقتصادية الى المنشآت التجارية الاستيطانية في حال تم تنفيذ مشروع مركز المدينة والذي تم إعداده من خلال ما يسمى باللجنة المركزية للتخطيط والبناء ويرتبط بشكل وثيق بمخطط القدس 2020 ومخطط القدس 2050، ومشروع وادي السيلكون الذي يهدف الى إزالة المنطقة الصناعية في المدينة لبناء فنادق ومكاتب وشركات إسرائيلية ضمن مشروع استيطاني اقتصادي ضخم، وغيرها من المشاريع الاحتلالية الاحلالية المتكاملة.
ما هو المشروع:
يمثل مشروع مركز المدينة القديم الجديد الرؤية المستقبلية التنظيمية التي تراها بلدية الاحتلال للعقارات والشوارع والمباني العامة والأراضي الفارغة في الشطر الشرقي من المدينة بالشراكة والتخطيط مع مؤسسات الحكومة الإسرائيلية والجمعيات الاستيطانية، تم اعداده منذ أكثر من 20 عاما لكن تم طرحه واخراجه الان من الادراج للتنفيذ. هو مشروع متعدد الأهداف يستهدف تغيير معالم ومناطق حيوية مركزية واستراتيجية للمقدسيين، وطمس هوية المدينة التاريخية بالمصادرة والاستيلاء على مساحة تقارب 706.5 دونم للقضاء نهائيا على أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين.
سيبدأ المخطط من منطقة المصرارة مرورا بأهم شوارع المدينة، شارع السلطان سليمان وصلاح الدين والزهراء والاصفهاني والرشيد، وشارع عثمان بن عفان في وادي الجوز وصولا الى حي الشيخ جراح. كما يستهدف مساحات كبيرة من أراضي تعود لملكيات متعددة.
لماذا يعد مشروع مركز المدينة من أخطر المشاريع:
- يتضمن المشروع الكثير من التغييرات الجذرية على واقع المدينة حيث سيؤثر على حياة أكثر من 300.00 فلسطيني في القدس الشرقية.
- ستكون له آثارا سلبية كبيرة تمس البناء بقطاعاته والسكان وخلق القيود على حركة المقدسيين وتقييد حركة البناء المستقبلة في المدينة، لاسيما أن المخطط يعطي فرصة للمقدسيين لبناء 76 وحدة سكنية فقط خلال 30 عاما، وهذا لا يتناسب مع الزيادة الطبيعية للنمو السكاني التي تحتاج وبحسب الاحصائيات الى أكثر من 2000 شقة سكنية سنويا في القدس.
- يدلل المشروع وبوضوح على نية الاحتلال حرمان المقدسيين من أي إمكانية للتطور الديمغرافي والحد من نسبة السكان العرب في مركز المدينة للحفاظ على أغلبية يهودية استيطانية مقابل أقلية فلسطينية في القدس.
- يهدف الى تعزيز السياحة الدينية اليهودية في القدس الشرقية وتكثيف تواجد الجمعيات الاستيطانية فيها.
- يسعى الى اختطاف الاحياء العربية وتغيير ملامح وهوية المدينة في الشطر الشرقي منها وتهويد وأسرلة كل مكونات الوجود الفلسطيني فيها بذريعة تنفيذ مشاريع تطويرية وبنى تحتية، غير ان الحقيقة هي مشاريع استيطانية احتلالية احلالية ممنهجة.
- توسيع رقعة المخططات الاستيطانية وفصل الاحياء المقدسية عن بعضها وتقطيع اوصالها وتطويقها بالمستوطنات وعزلها عن محيطها الفلسطيني من الجنوب والشمال والشرق.
- يستهدف التعليم في المدينة استكمالا لإغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمديرية التربية والتعليم في القدس من خلال تصنيف البلدية لمدارس الأوقاف ووفقا للمشروع على انها مباني سكنية بغية عدم إعطائها مستقبلا تصاريح.
- اضعاف هوية القدس الحضارية بتغيير أسماء الشوارع والمعالم الاثرية والتاريخية في محاولة لإفقاد المقدسي ارتباطه بالمدينة المحتلة.
- فصل البلدة القديمة عن محيطها الثقافي وتغيير معالمها التاريخية.
- شل الحركة الاقتصادية للمقدسيين في القدس، واجبار المقدسي ودفعه على اعتبار القدس الغربية هي المركز التجاري.
آليات المواجهة التي اعتمدتها دولة فلسطين:
شكلت دولة فلسطين فريق عمل متكامل من منظمة التحرير ووزارة الشؤون الخارجية والمغتربين ووزارة شؤون القدس والاوقاف الإسلامية والمسيحية وعددا من المؤسسات الوطنية والأهلية العاملة بمدينة القدس للعمل وفقا لثلاث مسارات، (المسار القانوني والمسار الفني الهندسي ومسار توعية المقدسيين ) لتقديم اعتراضات على المخطط لإفشاله وتعطيله ومن ثم تجميده وإلغاءه ، وتحشيد كافة المؤسسات في المدينة لتنسيق مواقفها والعمل المشترك مع المؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان والقانون الدولي للضغط على المجتمع الدولي لضرورة التصدي لمشروع مركز المدينة كون المشروع يأتي في سياق التهجير القسري للمقدسيين.
***