ساندت جامعة الدول العربية فلسطين سياسياً وقانونيا ومالياً وفي المحافل الدولية، مما أسفر عن توسيع دائرة الاعتراف الدولي بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة بصفة دولة مراقب، كما ساندتها أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ودعمت بناء الكيان الفلسطيني ومؤسسات الدولة الفلسطينية والحفاظ على عروبة القدس، وبرغم تعدد التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الدول العربية حالياً، ما تزال فلسطين هي قضية العرب المركزية الأولى.
منذ بدايتها الأولى عام 1945 أدركت جامعة الدول العربية الوضع الخاص لفلسطين، ولذا فبالرغم من أن عضوية الجامعة العربية كانت تمنح للدول التي حصلت على استقلالها، كانت فلسطين حاضرة في كافة أعمال الجامعة، إذ أُدرج ضمن الميثاق المؤسس للجامعة العربية ملحقاً خاصا بفلسطين نص على أنه "نظراً لظروف فلسطين الخاصة، وإلى أن يتمتع هذا القطر بممارسة استقلاله فعلا، يتولى مجلس الجامعة أمر اختيار مندوب عربي من فلسطين للاشتراك في أعماله"، وفي عام 1976 تم قبول دولة فلسطين، عضوا كامل العضوية تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية.
وقد دعمت جامعة الدول العربية القضية الفلسطينية سياسيا على كافة الأصعدة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
- إعلان القاهرة (1948) الخاص بالتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني في استقلال وطنهم.
- حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في جامعة الدول العربية في 9 سبتمبر 1976.
- دعم القرار 242 (1967) لمنظمة الأمم المتحدة المتضمن انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
- 22 أكتوبر 2000 إنشاء صندوقي انتفاضة القدس وصندوق الأقصى.
- تقديم مبادرة السلام العربية التي تشترط قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية أساسا للسلام (2002).
- مرافعة الجامعة العربية أمام محكمة العدل الدولية في قضية الراي الاستشاري بشأن جدار الفصل العنصري، ففي عام 2004 أثمرت الجهود الدبلوماسية التي قادتها الجامعة العربية والمعركة القانونية التي خاضتها على المستوى الدولي باستصدار الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية المُطالب بتفكيك الجدار العنصري لقوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ثم دعمت الجامعة العربية هذا القرار بعد عرضه على الجمعية العامة للأمم المتحدة وتمكنت من استصدار قرار تبنت الجمعية العامة بموجبه رأى المحكمة وذلك بأغلبية 150 صوتاً بما فيهم مجموعة الاتحاد الأوروبي مجتمعة.
- توفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة ودعم لاجئي فلسطين من خلال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (UNRWA).
- دعم مشاريع التأهيل والتعليم للفلسطينيين.
- دعم طلب فلسطين للعضوية في الأمم المتحدة عام 2011، ثم دعم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2012 لمنح فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة.
- وأخيرا، مرافعة الجامعة العربية أمام محكمة العدل الدولية بشأن ماهية وآثار الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في قطاع غزة 2024.
من جانب آخر تسعى جامعة الدول العربية إلى حشد الدعم للقضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية والتكتلات الإقليمية، ومن ذلك مثلا التعاون العربي الأفريقي الذي يكتسب أهمية خاصة في ظل محاولات التغلغل الاسرائيلي في أفريقيا، ففي عام 2017 أصدر مجلس جامعة الدول العربية خلال دورة استثنائية قرارا بإنشاء آلية تنسيق ثلاثية المشتركة بين الجامعة العربية ومفوضية الاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي، وتضم ممثلاً عن دولة فلسطين لتنسيق المواقف وبحث سبل دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
وإثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، عقدت كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي قمتين استثنائيتين في نوفمبر 2023 (للمزيد) ثم نوفمبر 2024 (للمزيد) لبحث التحرك العربي والإسلامي المشترك لمواجهة هذا العدوان، فتم بموجب القرار إنشاء وحدتي رصد قانونيتين متخصصتين لإعداد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة، وتنسيق التحرك الدبلوماسي العربي في الخارج لوقف الحرب على غزة والضغط لإطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام العادل والشامل، والدعوة لكسر الحصار على غزة وفرض ادخال قوافل مساعدات إنسانية عربية والإسلامية ودولية.

القمة العربية والاسلامية المشتركة 2023

القمة العربية والاسلامية المشتركة 2024
ومن الأمثلة على الدعم السياسية لفلسطين دوليا، التعاون العربي الصيني، إذ تضع الجامعة العربية القضية الفلسطينية على رأس جدول أعماله، وآخر تلك الأمثلة الاجتماع الأول للرابطة العربية الصينية للمؤسسات الفكرية الذي عقد في 2024 وناقش ثلاثة محاور كان على رأسها الدفع بوقف النار في قطاع غزة وتحقيق الحل الشامل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية، حيث تم التأكيد على الدعم الثابت للقضية الفلسطينية بما ذلك في ضوء المبادرة الصينية لعقد مؤتمر دولي موسع للسلام من أجل الاسراع بالتوصل لحل عادل وشامل ودائم لهذه القضية المشروعة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
وبصفة عامة يظل الدعم السياسي للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني حاضرا على رأس أولويات الجامعة العربية في كافة المحافل الدولية والإقليمية، حيث تؤكد دوما على الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، وتدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة. كما تقدم جامعة الدول العربية الدعم الدائم لدولة فلسطين في مجالات متعددة، نذكر منها: المجال الصحي – البنى التحتية – وحماية التراث
في المجال الصحي:
يعاني قطاع غزة من مأساة إنسانية غير مسبوقة منذ الـسابع من أكتوبر 2023، جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على المدنيين، والذي أسفر عن استشهاد وإصابة الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، واستخدام إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) سلاح التجويع ومنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية والوقود لسكان القطاع الذين يزيد عددهم عن 2 مليون فلسطيني، وهو ما يعد جريمة حرب، وكذلك استهداف العاملين في الميدان من عمال الإغاثة والأطقم الطبية أثناء تأدية واجبهم الإنساني، وتدمير المستشفيات والمراكز الطبية والبنية التحتية في قطاع غزة، وقد عملت الجامعة العربية منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي الغاشم على تقديم وحشد الدعم إلى القطاع الصحي في قطاع غزة، من خلال ما يلي:
- سلمت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتاريخ 12 أكتوبر 2023، إلى الهيئة الخيرية الملكية الأردنية الهاشمية في الأردن مساعدات طبية عاجلة تلبية لاحتياجات وزارة الصحة في دولة فلسطين، وذلك بالتنسيق بين إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية، ووزارة الصحة في دولة فلسطين، ووزارة الصحة والسكان بجمهورية مصر العربية.
- في 22 أكتوبر 2023 أطلقت الأمانة العامة نداء إنساني عاجل لدعوة المنظمات الإنسانية العربية والدولية لتقديم كافة الدعم الإنساني لقطاع غزة للتخفيف من معاناة المتضررين من الشعب الفلسطيني، كما تم إطلاق حملة تبرعات عربية شعبية خلال المؤتمر الصحفي لدعم الوضع الإنساني في القطاع، من خلال الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في الدول العربية لجمع التبرعات وتوفير الاحتياجات الإنسانية والصحية العاجلة المنقذة للحياة والتنسيق مع الهلال الأحمر المصري والفلسطيني لإيصال هذا الدعم إلى الشعب الفلسطيني.
- ونظمت الأمانة العامة بتاريخ 25 أكتوبر 2023، حملة للتبرع بالدم لصالح قطاع غزة، ضمن أعمال منتدى الشباب والمجتمع المدني، بحضور وزير الشباب والرياضة في كل من جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وكذلك السفراء مندوبي الدول الأعضاء، ومشاركة واسعة من المشاركين في المنتدى.
- واتخذ مجلس وزراء الصحة العرب قراراً في 31 أكتوبر2023، بشأن تقديم الدعم العاجل للشعب الفلسطيني، وتم إطلاق قافلة المساعدات الإنسانية والإغاثية باسم جامعة الدول العربية ومقدمة من مجلسي وزراء الصحة والشؤون الاجتماعية العرب.
- وفي 24 نوفمبر 2023، توجه وفد من الأمانة العامة لتسليم الدفعة الأولى من الدعم المقدم من مجلسي وزراء الصحة والشؤون الاجتماعية العرب، والمتضمن مساعدات إنسانية وصحية وإغاثية، كما تم زيارة الجرحى والمصابين الفلسطينيين بالمستشفيات المصرية، وتفقد مخازن الهلال الأحمر المصري بالعريش، وعقد مؤتمر صحفي أمام معبر رفح للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، المرابط على أرضه، في مواجهة حرب الإبادة والعدوان الغاشم على قطاع غزة.
- وفي إطار استمرار مجلس وزراء الصحة العرب تقديم الدعم العيني للقطاع الصحي في دولة فلسطين، تسلمت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية بتاريخ 28/12/2024، المساعدات الطبية المقدمة من مجلس وزراء الصحة العرب بإجمالي وزن ما يقرب من 10 طن تمهيداً لتسليها إلى وزارة الصحة بدولة فلسطين.
- استمرت الجامعة العربية في الوقوف على احتياجات وزارة الصحة بدولة فلسطين، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد قامت بتنسيق هذه الاحتياجات مع الدول الأعضاء، التي عملت على تلبيتها، وآخرها مناشدة وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 23/1/2025، حيث أرسلت قوائم أدوية مرض السرطان، وقوائم الأدوية ذات المخزون الصفري في مستودعاتها إلى الدول الأعضاء لمساعدة دولة فلسطين لتوفيرها.

جانب من المساعدات الطبية المقدمة من مجلس وزراء الصحة العرب
وفيما يتعلق بالبنية التحتية:
قامت جامعة الدول العربية بتمويل شبكة خبراء المياه العربية والتي تم أنشائها من قبل المجلس الوزاري العربي للمياه كأحد الاذرع التنفيذية للمجلس بمبلغ 80 الف دولار، لتنفيذ دراسة تقييم أضرار قطاع المياه والصرف الصحي في غزة جراء العدوان الاسرائيلي الغاشم في مايو عام 2021 حيث قامت الشبكة بإنجاز الدراسة بمحاورها الثلاث، والتي توضح الحجم الكبير للأضرار بما مجمله 14.02 مليون دولارا أمريكيا، كما حددت الدراسة الأولويات والتدخلات اللازمة لإصلاح هذه الأضرار، كما قامت الأمانة الفنية للمجلس الوزاري العربي للمياه بتنظيم مؤتمر للمانحين لاستعراض نتائج الدراسة على الدول والصناديق العربية والمؤسسات الدولية في يوليو عام 2022.
أما في مجال الحفاظ على التراث والهوية الفلسطينية:
دعمت جامعة الدول العربية جهود دولة فلسطين في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" من أجل تسجيل التراث الثقافي الفلسطيني ضمن قوائم التراث العالمي للحفاظ على التراث والهوية الفلسطينية، وحماية التراث الثقافي من محاولات التزوير والتدمير من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مثل قرارات تدين الاعتداءات على المواقع الأثرية والتراثية في فلسطين.
وقد أسفرت جهود دولة فلسطين عن تسجيل عدد من المواقع التاريخية والأثرية كتراث مادي فلسطيني ومنها:
كنيسة المهد في بيت لحم: أُدرجت في قائمة التراث العالمي في يونيو 2012 - قرية بتير: أُدرجت على قائمة التراث العالمي المهدد في عام 2014 - الحرم الإبراهيمي في الخليل: أُدرج على قائمة التراث العالمي المهدد في يوليو 2017 - أريحا وتل أم عامر: أُدرجتا في عامي 2023 و2024 على التوالي.
وكذلك تسجيل التراث الثقافي غير المادي، مثل:
الحكاية الفلسطينية: أُدرجت في عام 2008 - التطريز الفلسطيني: أُدرج في عام 2021 - الدبكة الفلسطينية: أُدرجت في عام 2023.
ولازالت توجد جهود دبلوماسية من قبل بعثة دولة فلسطين لدى اليونسكو لتسجيل وحماية التراث الثقافي الفلسطيني، بما في ذلك ملفات الصابون النابلسي والكعك الفلسطيني.
في مجال الإعلام:
منذ نشأة جامعة الدول العربية عام 1945، أدرك المؤسسون أن هناك حاجة على الأرض إلى "صوت عربي" بمعنى وسيلة للتعبير عن الموقف العربي المشترك إزاء كل من القضايا العربية والإقليمية والدولية التي كانت تشكل هماً عربياً، وجاءت القضية الفلسطينية على رأس ذلك الاهتمام، وتظل مناصرة القضية الفلسطينية ونشر الوعي بشأنها على رأس اهتمامات الإعلام العربي وحاضرة باستمرار ضمن قرارات وزراء الإعلام العرب، من خلال الحملات الإعلامية وبرامج التوعية الإعلامية التي يتم وضعها وفق سياسة إعلامية عربية موحدة.
وفي عام 2016، أطلق مجلس وزراء الإعلام العرب مبادرة اختيار عاصمة الإعلام العربي سنويا من بين المدن العربية، بهدف تشجيع التعاون بين وسائل الإعلام العربية، وإبراز دور الإعلام في خدمة الأجندات التنموية والاجتماعية وإلقاء الضوء على الخصوصيات الحضارية والثقافية للمدن التي يتم اختيارها، واختيرت القدس كأول عاصمة للإعلام العربي، وفيما يتم اختيار عاصمة جديدة كل عام، تقرر تسمية القدس "عاصمة دائمة للإعلام العربي" لما لها من مكانة خاصة في الوجدان الجماعي العربي ودفاعاً عن وضعها الروحي والقانوني والتاريخي. (نص القرار)
وفي عام 2022 قرر مجلس وزراء الإعلام العرب تخصيص يوم 11 مايو من كل عام، وهو ذكرى استشهاد الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، يوماً عالمياً للتضامن مع الإعلام الفلسطيني، دعما للإعلاميين الفلسطينيين الذين يعملون على نقل الصورة الحقيقية للحياة تحت الاحتلال إلى العالم.
****