يحتفي العالم في 16 نوفمبر من كل عام باليوم الدولي للتسامح والذي اقرته الامم المتحدة لتسليط الضوء على أهمية التسامح في بناء مجتمعات سلمية وعادلة. وفي ظل التوترات والصراعات المستمرة التي تعصف بالعالم، يأتي هذا اليوم ليذكرنا بضرورة تعزيز قيم التسامح والحوار في مواجهة الكراهية والعنف. وعلى الصعيد الدولي، تعاني العديد من الدول من تصاعد الاضطرابات وعدم الاستقرار، حيث تتزايد النزاعات العسكرية والتهجير القسري، مما يجعل رسالة التسامح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى والإخفاق في تقديم حلول فعالة للصراعات أدى إلى تفشي الكراهية والعنصرية، وهو ما يتطلب منا جميعًا العمل نحو ثقافة حوارية تشجع على فهم الاختلافات والاحتفاء بالتنوع.
وفي هذا اليوم، ينبغي تسليط الضوء على أن التسامح لا يعني مجرد التغاضي عن الأفعال السلبية بل يجب ان يكون مسار نحو بناء السلام والتنمية المستدامة فاحترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع الأفراد هو الأساس الذي يمكن أن يُبنى عليه السلام.
وأكدت السفيرة الدكتور هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية، ان اليوم الدولي للتسامح يأتي هذا العام في ظل زيادة التوترات السياسية والتطرف في بعض المناطق، على رأسها النزاع المستمر في الشرق الأوسط، والذي يشهد الفتك والتهجير القسري لأهالي غزة مع توسع النزاع إلى دولة لبنان كما يشهد العالم أزمة اللاجئين في أوروبا، والحرب الروسية الأوكرانية وغيرها من مواطن التطرف والتعصب والنزاع في بقاع العالم المختلفة فهذه الأحداث تبرز الحاجة إلى وجود التسامح والتواصل بين الثقافات المختلفة، فالمجتمعات التي تعيش في صراع تحتاج إلى منصات حوارية تسمح للأفراد بالتعبير عن افكارهم ومشاعرهم بشكل صحي بعيدًا عن العنف والكراهية.
وأشارت أبو غزالة الى ان، الاستراتيجية العربية لتحالف الحضارات تسعى إلى بناء جسور التواصل والتعاون بين الأمم والشعوب من خلال محاور وبرامج مختلفة بما في ذلك تعزيز قيم التسامح حتى نخطو خطوة نحو عالم أكثر سلاماً وتفاهماً ولذلك، فإن العمل على ترسيخ هذه الاستراتيجية في المجتمعات العربية هو واجب جماعي يتطلب جهوداً مستمرة وتعاوناً بين جميع الفئات. وتُعد التربية والتنشئة على قيم التسامح أحد أسس بناء السلام المستدام. فيجب أن تكون الأسرة والمدارس بمثابة منصات لتعزيز قيم الاحترام والتفاهم بين النشء والطلاب بدءًا من التعريف بالمفاهيم الأساسية للتسامح، وصولاً إلى تعليم الأطفال كيفية التعامل مع الخلافات والنزاعات بطرق سلمية، في زمن تتزايد فيه ظاهرة العنف وسرقة الطفولة. كما يقع على عاتق الحكومات ومنظمات المجتمع المدني مسؤولية كبيرة في نشر ثقافة التسامح. فيمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم فعاليات توعوية، وورش عمل، وحلقات نقاش تهدف إلى معالجة قضايا التمييز والعنصرية. يجب أن تعكس السياسات الحكومية مبدأ التسامح من خلال سن قوانين تحظر التمييز والعنف وتعزز المساواة.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن تلعب وسائل الإعلام دورًا إيجابيًا في تعزيز قيم التسامح. برصد ومكافحة الأخبار السلبية والمعلومات المضللة التي يمكن أن تؤجج مشاعر الكراهية والانقسام. لذا، من الضروري أن تتحمل وسائل الإعلام مسؤوليتها في الترويج للصور التي تعزز التسامح والتفاهم بين الثقافات المختلفة وتتجنب إثارة الكراهية وجميع هذه المحاور يتم التعامل معها في الاستراتيجية العربية لتحالف الحضارات.
في الختام علينا أن نتذكر أن التسامح ليس مجرد كلمة تتواجد في معجم القيم الإنسانية أو مجرد عبارات يتناقلها الناس. بل هو أسلوب حياة يتطلب الالتزام والجهد، وضرورة ملحة لتحقيق السلام والعدالة في عالم يشهد تزايد الفروقات والتوترات. لذا يجب أن نعمل على أن نكون سفراء للتسامح، ونسعى لبناء عالم يتسم بالفهم والاحترام المتبادل، مع استغلال كل فرصة لتعزيز هذه القيم في مجتمعاتنا فيجب علينا أن نقف معًا – محليًا ودوليًا وحكومات ومؤسسات مدينة – لبناء مجتمعات تتمحور حول قيم التسامح والاحترام ليس فقط في يوم واحد من السنة بل كجزء من حياتنا اليومية.